للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضي عياض وابن حجر والسيوطي. (١)

* والراجح -والله أعلم-أن الحوض قبل الصراط:

وهذا ما رجَّحه الغزالي وابن القيم والطحاوي، وهو قول جمهور أهل العلم. (٢)

يدل عليه:

ما رواه أَبوهُرَيْرَةَ-رضى الله عنه-عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

" بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ، فَقُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ، قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ:

إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ القَهْقَرَى. " (٣)

وهذا من أظهر الأدلة على أن الحوض قبل الصراط؛ فإنه من جاز الصراط نجا، وأما الحوض فسوف يُصرف عنه بعض وارديه إلى النار، فدل ذلك على أنهم لن يجاوزوا الصراط قطعاً.

قال ابن القيم: فهذا الحديث مع صحته أدل دليل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط؛ لأن الصراط إنما هو جسر ممدود على جهنم، فمن جازه سلم من النار. (٤)

* ومما ناسب أن يكون الحوض قبل الصراط ما ذكره القرطبي بقوله:

والمعنى يقتضي تقديم الحوض على الصراط؛ فإن الناس يخرجون من قبورهم عِطَاشًا فناسب تقديمه لحاجة الناس إليه. (٥)


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٨/ ٦٨) وفتح الباري (١١/ ٦٥٠)
(٢) وانظر شرح الطحاوية (ص/٣٤٤) وحاشية البيجوري على الجوهرة (ص/٣٠٣) والوعد الأخروي (١/ ١٢٧)
(٣) أخرجه البخاري (٦٥٨٧)
(٤) وانظر زاد المعاد (٣/ ٥٩٦) والوعد الأخروي (١/ ١٣٠)
(٥) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص/٢٦٩)
* تنبيه:
من العلماء رأى الجمع بين القولين بقول ثالث بأن للنبي - صلى الله عليه وسلم - حوضين، أحدهما في الموقف قبل الصراط، والثاني في الجنة، وكلاهما يسمى كوثراً، وهذه طريقة القرطبي وابن كثير.
ولكنَّ الجمع إنما يقدَّم على الترجيح إذا كان مستنداً على دليل صحيح، ولم يثبت دليل على وجود حوضين فى العرصات. والله أعلم. وانظر فتح الباري (١١/ ٦٥٠) ولوامع الأنوار (٢/ ١٩٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>