للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً، أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضاً في كفره؛ فإنه مكذِّب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم.

بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين؛ فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فسَّاق، وأن هذه الأمة التي هي: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفاراً أو فسَّاقاً. ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام. (١)

* وعليه يقال:

أن من سبّهم سباً يقدح في عدالتهم ودينهم، فهذا كفر مخرج من الملة؛ لأنه تكذيب للأحاديث الشريفة الدالة على فضلهم ومكانتهم وتزكيتهم، ومن ظن أن هذا السب لا يعد كفراً فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع.

قال القرطبي:

لا خلاف في وجوب احترامهم، وتحريم سبِّهم، ولا يختلف في أن من قال: إنَّهم كانوا على كفر أو ضلال كافر يقتل، لأنَّه أنكر معلومًا ضروريًا من الشرع، فقد كذَّب الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فيما أخبرا به عنهم. . (٢)

تنبيه:

من سبّ أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - خاصة، وقذفها بما برأها الله -تعالى- منه، على ما جرت أحداث قصتها في غزوة المريسيع فإنه يكفر بالاتفاق. وأما إن سبَّها بغير ما برأها الله -تعالى- منه، مما لا يقدح في عدالتها ولا دينها فقد جنى جناية عظيمة، واستحق التأديب والتعزير، ولكنه لا يكفر.

قال ابن العربي:

إن أهل الإفك رموا عائشة -رضى الله عنها- المطهَّرة بالفاحشة فبرَّأها الله تعالى، فكل من سبَّها بما برأها الله - تعالى - منه فهو مكذِّب لله عزوجل، ومن كذَّب الله فهو كافر. (٣)

وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم، نذكر منهم:

شيخ الإسلام


(١) الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص/٤٣٧)
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٦/ ٤٩٣)
(٣) وانظرأحكام القرآن (٣/ ١٣٥٦) والإصابة في الذب عن الصحابة (ص/١٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>