ركاب المطرودين عن الحوض الشريف.
يقول ابن القيم في النونية:
وَرَأَيْت أكوازاً هُنَاكَ كَثِيرَة
مثل النُّجُوم لوارد ظمآن
وَرَأَيْت حَوْض الْكَوْثَر الصافي
الَّذِي لَا زَالَ يشخب فِيهِ مِيزَابَانِ
ميزاب سنته وَقَول إلهِهِ
وهما مدى الايام لَا ينِيان
وَالنَّاس لَا يردونه إِلَّا من الا
لآف أفراداً ذَوُي إِيمَان
وردوا عَذَاب مناهل أكْرم بهَا
ووردتم أَنْتُم عَذَاب هوانِ.
فيصف ابن القيم وروده للمدينة، مدينة العلم فيحكي كيف وجد
هناك نبع الشريعة صافياً، لم يختلط بما يكدره من الكيزان ما قد يعد بنجوم السماء، وقد أُعِدتْ لمن يرده ويطلب ريَّه من الظماء، ورأى هنالك حوض الكوثر الصافي، وهو علمه -صلى الله عليه وسلم- الذي تركه في أمته لا زال يصب فيه ميزابان:
ميزاب الكتاب الكريم، والسنة المطهرة، كما أن حوضه في الموقف يوم فيه ميزابان من نهر الكوثر الذي في الجنة، فمن شرب من حوض علمه الصافي في الدنيا؛ فهو الجدير أن يرد حوضه في الآخرة، ومن صد عنه، وآثر عليه هذه الموارد الآسنة؛ فسيذاد عن حوضه ويبعد جزاءً وفاقاً، وما ربك بظلام للعبيد. ومن المؤسف أن الناس لا يردون حوض علمه في الدنيا من الآلاف المؤلفة إلا الفرد بعد الفرد من هداهم الله - تعالى- ووفقهم، وهم الذين وردوا أكرم المناهل وأعذبها، وأما أنتم أيها المعرضون المخذولون فقد وردتم موارد العذاب المهين تبقون فيها خزايا نادمين. (١)
* فرع: هل الحوض هو الكوثر؟
قيل في ذلك أن المراد بالكوثر هو الحوض، وقيل المراد بالكوثر هو الخير
(١) الكافية الشافية لابن القيم بشرح خليل هراس (١/ ٣٣٢)