للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو العباس ابن تيمية:

فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولي أحدهم: كان هذا تنبيهاً على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك. (١)

ثالثا: الإجماع:

- وهذا من أهم الأدلة على وجوب تنصيب الإمام، وأول ذلك إجماع الصحابة -رضى الله عنهم- على تعيين خليفة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته، بل حتى قبل دفنه وتجهيزه صلى الله عليه وسلم.

قال ابن حزم:

اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله -تعالى-ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. (٢)

قال ابن خلدون:

نصبْ الإمام واجب، وقد عُرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين؛ لأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه، وكذا في كل عصر من الأعصار، واستقر ذلك إجماعًا دالاً على وجوب نصب الإمام. (٣)

*فإن قيل:

ولم تذكر مسألة الإمامة العظمى ضمن مسائل الاعتقاد، وهي ليست من أركان الإيمان؟


(١) الحسبة في الإسلام (ص/٩)
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٣/ ٣)
(٣) مقدمة ابن خلدون (ص/١٩١)، وممن نقل مثل هذا الإجماع:
القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (١/ ١٨٢) والنووي في " المنهاج " (٦/ ٤٤٦)
وقد نص أبو منصور البغدادي في "أصول الدين" (ص/٢٧٧) على أن أبا بكر الأصم وهشام بن عمرو الفوطي قد خالفا إجماع الأمة في ذلك، فقال الأصم: " أن الناس لو كفُّوا عن التظالم بينهم لاستغنوا عن الإمام"، وقال الفوطي: "يجب تنصيب الإمام في حالة الأمن فقط؛ لإظهار شعائر الشرع، ولا يجب عند ظهور الفتن، لأن الظلمة ربما لم يطيعوه، فيصير سبباً لزيادة الفتن.
ثم عقَّب البغدادي على ذلك بأنه لا اعتبار بخلافهما مع تقدّم الإجماع على وجوب تنصيب الإمام بكل حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>