للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الثانية:

أن يقع الحاكم في جور وظلم للرعية، فأدلة الشرع على عدم نقض إمامته، وأدلة ذلك من وجوه:

١ - الوجه الأول: الأمر بالسمع والطاعة لهم، ونبذ الخروج عليهم:

كما ورد في حديث الباب، حيث أمر الشارع بالسمع والطاعة لولاة الأمور رغم علمه بما سيقع منهم من سوء الحال وشر الأفعال، فقد أخبر -صلى الله عليه وسلم - عن سوء أفعالهم فقال:

١ - أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي.

٢ - قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.

٣ - يضربون الظهر ويأخذون المال.

ومع ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: " تسمع وتطيع للأمير "، وليس ذلك تقديساً ولا تمجيداً لولىّ الأمر، وإنما أمر الشارع بذلك درءً للمفاسد وحقناً للدماء.

٢ - وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رضى الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

«إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ تَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ»، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا». (١)

ومعنى قوله: "تعرفون وتنكرون": أي تعرفون بعض أفعالهم بأنها حسنة، وتنكرون بعضاً لأنها قبيحة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتالهم مع إخباره أنهم يأتون أموراً منكرة، فدل على أنه لا يجوز الإنكار عليهم بالسيف، كما يراه من يقاتل ولاة الأمر من الخوارج والزيدية والمعتزلة. (٢)

قال النووي:

وأما الخروج على ولاة الأمور وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وقال العلماء وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن


(١) أخرجه الترمذى (٢٢٦٥)، وقال: " هذا حديث حسن صحيح ".
(٢) منهاج السنة (٣/ ١٦٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>