للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإراقة الدماء وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه. (١)

وقال المازري:

الإمام إذا فسق وجار، فإن كان فسقه كفراً وجب خلعه، وإن كان ما سواه من المعاصي فمذهب أهل السنة أنه لا يخلع، واحتجوا بظاهر الأحاديث وهي كثيرة، ولأنه قد يؤدي خلعه إلى إراقة الدماء وكشف الحريم، فيكون الضرر بذلك أشد من الضرر به وعند المعتزلة أنه يخلع. (٢)

* أضف إلى ذلك أن كل الأحاديث الدالة على تحريم إقتتال المسلمين فيما بينهم هى أدلة على

عدم جواز الخروج على أئمة الجور؛ لأن اقتتال المسلمين إنما يكون فى الغالب عند الخروج على الأئمة بالسيف، فدل على تحريم ذلك الخروج.

*الوجه الثاني: ما ورد من أدلة الصلاة خلف أئمة الجور والجهاد معهم:

فقد كان الصحابة -رضى الله عنهم - يصلّون خلفهم، وهذا يقتضي الإقرار بإمامتهم، كما صلَّى ابن مسعود -رضى الله عنه- خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وقد كان يشرب الخمر، وكان الصحابة -رضى الله عنهم-والتابعون يصلُّون خلف ابن أبي عبيد، وقد كان متهماً بالإلحاد. (٣)

وقد روى البخاري أن ابن عمر -رضى الله عنه- قد حج تحت إمرة الحجاج بن يوسف، وكذلك قد صح أنه قد صلَّى خلفه. (٤)

وعَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَنَجْدَةَ، وَالْحَجَّاجَ، وَابْنُ عُمَرَ يَقُولُ:

«يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ كَمَا يَتَهَافَتُ الذِّبَّانُ فِي الْمَرَقِ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَسْرَعَ إِلَيْهِ، يَعْنِي مُؤَذِّنَهُمْ فَيُصَلِّي مَعَهُ». (٥)


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٦/ ٤٧٠)
(٢) المُعْلم بفوائد مسلم (٣/ ٥٣)
(٣) مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٢٠٠)
(٤) أما حج ابن عمر -رضى الله عنه- مع الحجاج فقد راوه البخاري (١٦٦٠)، وأما أثر صلاته خلفه فقد رواها ابن أبي شيبة في المصنف. وقال عنه الألباني: سنده صحيح على شرط الستة. وانظر "إرواء الغليل" (٢/ ٣٠٣).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٣٨٠٣)، وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>