للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفضيلته، وعليهم أثمهم. (١)

وقال سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّه رضى الله عنه:

يَكُونُ عَلَيْنَا الْإِمَامُ الْجَائِرُ الظَّالِمُ، أُقَاتِلُ مَعَهُ أَهْلَ الضَّلَالَةِ؟

قَالَ: «نَعَمْ» {عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: ٥٤]. (٢)

*الوجه الثالث: فعل الصحابة -رضي الله عنهم- والسلف مع أئمة الجور:

ومثال ذلك: لما تناقل أهل المدينة أخباراً عن سوء أحوال يزيد بن معاوية وشربه للخمر فخلعوا بيعته، جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ-رضى الله عنهما- حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ، فَقَالَ:

إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:

... «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ»، وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ القِتَالُ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلَا بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إِلَّا كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. (٣)

وعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ:

اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَقُولُ:

«مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». (٤)


(١) مسائل حرب الكرماني (ص/٢٢٦)
(٢) جزء حنبل بن إسحاق (ص/١١١) وسنده صحيح. وانظر تحقق المنة في شرح أصول السنة (ص/٣١٦)
(٣) متفق عليه. وقوله " الفيصل بيني وبينه، أي القاطعة، وهي فيصل من فصل الشيء: إذا قطعه، وفي رواية أحمد (٥٠٨٨) " فَلَا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ، وَلَا يُشْرِفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَيَكُونَ صَيْلَمٌ بَيْنِي وَبَيْنَه "، ومعنى "صيلم" أي قطيعة منكرة.
(٤) أخرجه مسلم (١٨٥١)
" عبد الله بن مطيع": كان ممن خلع يزيد وخرج عليه يوم الحرة، وكان هو قائد قريش كما كان عبد الله بن حنظلة قائد الأنصار، إذ خرج أهل المدينة لقتال مسلم بن عقبة الذي بعثه يزيد لقتال أهل المدينة،
وأخذهم بالبيعة له، فلما ظفر أهل الشام بأهل المدينة انهزم عبد الله ولحق بابن الزبير بمكة، وشهد معه
قتال الحجاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>