للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي جمرة قال:

لمّا بلغني تحريق البيت خرجت إلى مكَّة، واختلفت إلى ابن عبَّاس -رضى الله عنهما- حتَّى عرفني، واستأنس بي، فسببت الحجَّاج عند ابن عبَّاس رضى الله عنه، فقال:

" لا تكن عونًا للشيطان ". (١)

-قال أنس بن مالك رضي الله عنه:

نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

«لَا تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ، وَلَا تَغِشُّوهُمْ، وَلَا تَبْغَضُوهُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ». (٢)

ولما وقعت فتنة القول بخلق القرآن، وجُد الإمام أحمد بغير حق إلا أن يقول القرآن كلام الله تعالى، غير مخلوق، ومع لم يخلع يداً من طاعة.

وقد راوده فقهاء عصره على الخروج على الأئمة، وبكلمة منه تموج الأرض بأسراب من البشر، ولكنه أبى وصبر، واحتسب وغفر، فحقنت بذلك دماء فئام من البشر.

*قال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله في ولاية الواثق فقالوا:

" يا أبا عبد الله، هذا الأمر قد تفاقم وفشا، ولسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فقال لهم:

«عليكم بالنكرة بقلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماء المسلمين، واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها

بالصبر". (٣)

*الوجه الرابع:

أن الإجماعات منعقدة على عدم عزل الإمام بفسقه، مما يكون دليلاً على صحة بيعته، وعدم جواز الخروج عليه أو قتاله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

مذهب أهل الحديث ترك الخروج بالقتال على


(١) رواه البخاري في تاريخه (٢٣٥٢)
(٢) أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (١٠١٥) وابن حبان في "الثقات" (٥/ ٣١٤) وقال الألباني في "ظلال الجنة": إسناده جيد.
(٣) انظر السنة للخلال (٩٠) والإمامة عند أهل السنة (ص/٥٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>