للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ ". (١)

أليس هذا يصلح أن يكون دليلاً على جواز الخروج على الحاكم الجائر؟

*الجواب:

أن قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "كلمة حق عند سلطان جائر ": تقتضي كون النصيحة للإمام عنده، وذلك على معنى "عندية المكان"، وهى الحضور الحسي والقرب، فليس تأويل الحديث أن يكون النصح على الملأ، ولابالجهر على المنابر، ولا في المحافل، فضلاً أن يكون بالخروج على السلطان والتشهير به، وتأليب العامة عليه.

فكلمة الحق عند السلطان الجائر، والتي هي أفضل الجهاد، لها ضوابط قد حددها الشرع، ولم يطلق لها العنان فتكون أداة لجلب المفاسد على الأمة.

فعن عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ -رضى الله عنه- أن رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

" مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ ". (٢)

* وقد ورد في رواية جابر -رضى الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

«سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَالَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ» (٣)

*وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ-رضى الله عنه- لما قِيلَ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ؟

فَقَالَ: أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ؟!، وَاللهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ. (٤)


(١) أخرجه أحمد (١٨٨٢٨) وصححه الألباني في " الصحيحة " (٤٩١)
(٢) أخرجه ابن أبي عاصم (١٠٩٦) باب: كيف نصيحة الرعية للولاة؟، وأحمد (١٥٣٣٣) والحاكم (٥٢٦٩) وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، وصححه الألباني في ظلال الجنة (ص/٤٧٧) وانظر الإصابة في تمييز الصحابة (٤/ ٦٣١)
(٣) أخرجه الحاكم (٤٨٨٤)، وقال: "صحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، وانظر" الجامع الرائق في معاملة أهل السنة للحاكم الفاسق" (ص/٤٦٥)
(٤) أخرجه مسلم (٢٩٨٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>