للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض:

وقد ادَّعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع -أي على عدم الخروج على أئمة الجور، وقد رد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية، وبقيام جماعة عظيمة من التابعين على الحجاج مع ابن الأشعث، وتأول هذا القائل قوله أن لا ننازع الأمر أهله في أئمة العدل.

وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق، بل لما غيَّر من الشرع، وظاهر من الكفر، وقيل إن هذا الخلاف كان أولًا، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم، والله أعلم. (١)

* فإن قيل:

أليس من شروط الإمام أن يكون عدلاً، فكيف نقر بالإمامة لفاسق؟

فالجواب:

أننا لا بد أن ننتبه للفرق بين أمرين:

الأول:

قد انعقد الإجماع على عدم جواز عقد الإمامة لفاسق، كما نقله القرطبي فقال:

لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة لفاسق ". (٢)

الثاني:

قد انعقد الإجماع الأول عدم عزل الإمام لفسقه، وأنه لا تسقط بذلك ولايته.

قال القاضي عياض:

فلو طرأ على الخليفة فسق؛ قال بعضهم: يجب خلعه إلا أن تترتب عليه فتنة وحرب، وقال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق ولا يخلع، ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه للأحاديث الواردة في ذلك. (٣)

فالقاعدة هنا: " يُغتفر في الاستدامة ما لا يُغتفر في الابتداء"

*شبهة والجواب عليها:

عَنْ طَارِقٍ بن شهاب -رضى الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


(١) المنهاج للنووي (٦/ ٤٧٠)، وانظر الجامع الرائق (ص/٤٧٩)
(٢) وانظر الجامع لِأحكام القرآن (١/ ٢٧٠) وغياث الأمم (ص/٢٣٣)
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٦/ ٤٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>