للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* والتاريخ خير شاهد:

فالقارئ في وقائع الخارجين على أئمة الجور يرى أموراً يندى لها الجبين، ويشيب منها الجنين:

إنها واقعة الحرة المشهورة سنة ثلاث وستين من الهجرة، لما نقض أهل المدينة بيعة يزيد بن معاوية، وتهيأوا لقتاله. (١)

لكن قد انهزم أهل المدينة، ثم أباح مسلم بن عقبة، وهو أمير جيش يزيد، الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة- قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله- المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد، لا جزاه الله خيراً، يقتلون من وجدوا من الناس، ويأخذون الأموال.

وقتل خلقاً من أشرافها وقرائها، فقيل إنه قد قُتل سبعون رجلاً من المهاجرين، ومثلهم من الأنصار، ومن الناس ما يقرب من أربعة آلاف.

ووقعوا على النساء، حتى قيل إنه حبلت ألف امرأة من أهل المدينة بعد وقعة الحرة من غير زوج، ووقع شر عظيم وفساد عريض. (٢)

* فإن قيل:

فما الجواب عمَّا وقع من حوداث الخروج على أئمة الجور، كخروج أهل المدينة على يزيد وخروج الحسين وابن الأشعث؟

فالجواب:

١ - أن الحق لا يُعرف بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف أهله،

وكلٌ يؤخذ من قوله ويرد.

٢ - ولو تنزلنا أن الخروج على أئمة الجور كان مذهباً، فالأمر كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية:

" استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة، للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم. (٣)


(١) الحرة موضع قريب من المدينة، ووقعة الحرة هذه هي الوقعة التي حصلت بين يزيد ابن معاوية وبين أهل المدينة لما خلعوه لما أخذوا عليه من فسق، فبعث إليهم من يردهم إلى الطاعة، وأنظرهم ثلاثة أيام، فلما رجعوا قاتلهم واستباح المدينة ثلاثة أيام. البداية والنهاية (٨/ ٢٣٢).
(٢) انظر البداية والنهاية (٨/ ٢٢١) والكامل في التاريخ (٤/ ١١١) والإمامة والسياسة لابن قتيبة (ص/٨٩)
(٣) منهاج السنة (٢/ ٢٤١)

<<  <  ج: ص:  >  >>