للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو العباس ابن تيمية:

ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف، وإن كان فيهم ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم; لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فيدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان، إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته. (١)

وقال ابن القيم:

ونهى عن قتال الأمراء والخروج على الأئمة، وإن ظلموا وجاروا ما أقاموا الصلاة؛ سداً لذريعة الفساد العظيم، والشر الكبير بقتالهم كما هو الواقع، فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم من الشرور أضعاف أضعاف ما هم عليه، والأمة فى بقايا تلك الشرور إلى الآن. (٢)

قال ابن خلدون:

إنّ كثيراً من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدّين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والأمر بالمعروف رجاء في الثّواب عليه من الله، فيكثر أتباعهم من الغوغاء والدّهماء، ويعرّضون أنفسهم في ذلك للمهالك، وأكثرهم يهلكون في هذا السّبيل مأزورين غير مأجورين. (٣) قال الشيخ ابن العثيمين:

الحاكم لو كان أفسق عباد الله تعالى، عنده شرب خمر وغيره من المحرمات وهو فاسق، لكن لم يخرج من الإسلام، فإنه لا يجوز الخروج عليه، وإن فُسِّقَ؛ لأنَّ مفسدة الخروج عليه أعظمُ بكثير من مفسدة معصيته التي هي خاصة به. (٤)


(١) منهاج السنة (٣/ ١٦٨)
(٢) إعلام الموقعين (٣/ ١٣٩)
(٣) مقدمة ابن خلدون (١/ ٢٠٠)
(٤) مجموع فتاوى ورسائل ابن العثيمين (٢٥/ ٣٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>