للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي:

السحر مقطوع به بإخبار الله- تعالى - ورسوله على وجوده ووقوعه، وعلى هذا أهل الحل والعقد الذين ينعقد بهم الإجماع، ولا عبرة مع اتفاقهم بحثالة المعتزلة ومخالفتهم أهل الحق. (١)

قال الخطابي:

السحر ثابت وحقيقته موجودة، وقد اتفق أكثر الأمم على إثباته، وقد ذكر الله -عز وجل- أمر السحر في كتابه في قصة سليمان، وأمر بالاستعاذة منه، فقال: {ومن شر النفاثات في العقد}، وورد في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وعن الصحابة - رضي الله عنهم- أخبار كثيرة لا ينكرها لكثرتها إلا من أنكر العيان، وجحدوا الضرورة. (٢)

* الرد على المخالف:

أما القول بنفي وجود أصل السحر فهو قول مخالف للمسلمين واليهود والنصارى وجميع أهل الكتب، ومخالف للأمم كلها، ومخالف للقرآن معاند له بغير تأويل، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن اسم الساحر اسم معروف في جميع الأمم. (٣)

وكانت قريش تعرف السحر، بل ورمت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى

(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢)) (القمر: ١ - ٢). وقال تعالى عن تكذيب الوليد بن المغيرة للرسول صلى الله عليه وسلم (فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)) (المدثر: ٢٤ - ٢٥)

* وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال:

"انشقَّ القمرُ بمكةَ حتى صار فرقتين، فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: هَذَا سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ اِبْنُ أَبِي كَبْشَةَ، اُنْظُرُوا السُّفَّارَ، فَإِنْ كَانُوا رَأَوْا مَا رَأَيْتُمْ فَقَدْ صَدَقَ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَرَوْا مِثْلَ مَا رَأَيْتُمْ، فَهُوَ سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ، قَالَ: فَسُئِلَ السُّفَّارُ، وَقَدِمُوا مِنْ كُلِّ وُجْهَةٍ، فَقَالُوا: رَأَيْنَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَئِنْ كَانَ سَحَرَنَا، فَمَا


(١) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٢)
(٢) أعلام الحديث (٢/ ١٥٠٠)
(٣) وانظر "النبوات" (ص/٢٧٢) و"تأويل مختلف الحديث" (ص/٢٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>