للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّضَا بِالْمَوْجُودِ مِنْ الرِّزْقِ وَعَدَمَ الِاجْتِهَادِ فِي التَّنَعُّمِ وَطَلَبَ الزِّيَادَةِ وَقِيلَ مِنْ كَرَامَتِهِ أَنْ لَا يُنْتَظَرَ بِهِ الْأُدُمُ وَرُدَّ بِأَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ بِالْأُدُمِ أَقُولُ ذَلِكَ فِي الْبُرِّ وَذَا فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ وَكَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ وَضْعَ اللَّحْمِ وَالْإِدَامِ فَوْقَ الْخُبْزِ وَأَوْرَدَ بِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَضَعَ تَمْرَةً عَلَى كِسْرَةٍ وَقَالَ هَذَا إدَامُ هَذِهِ» وَقَدْ يُقَالُ الْمَكْرُوهُ مَا يُلَوِّنُهُ وَيُقْذِرُهُ كَالسَّمَكِ وَاللَّحْمِ وَأَمَّا التَّمْرُ فَلَا، وَزِيدَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَوْلُهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَخَّرَ لَهُ بَرَكَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْحَدِيدِ وَالْبَقَرِ كَمَا فِي الْفَيْضِ وَفِيهِ أَيْضًا «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ فَمَنْ أَكْرَمَ الْخُبْزَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ» قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِكْرَامُهُ أَنْ لَا يُوطَأَ وَلَا يُهَانَ وَلَا يُلْقَى فِي الْقَاذُورَاتِ وَالْمَزَابِلِ وَلَا يُنْظَرُ بِنَظَرِ الِاحْتِقَارِ قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّ عَابِدًا قَرَّبَ إلَى بَعْضِ إخْوَانِهِ رُغْفَانًا فَجَعَلَ يُقَلِّبُهَا لِيَخْتَارَ أَجْوَدَهَا فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ مَهْ أَيُّ شَيْءٍ تَصْنَعُ أَمَا عَلِمْت أَنَّ فِي الرَّغِيفِ الَّذِي رَغِبْت عَنْهُ كَذَا وَكَذَا حِكْمَةً وَعَمِلَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا صَانِعٍ حَتَّى أَتَى، اسْتَدَارَ مِنْ السَّحَابِ الَّذِي يَحْمِلُ الْمَاءَ، وَالْمَاءِ الَّذِي يَسْقِي الْأَرْضَ، وَالرِّيَاحِ وَبَنِي آدَمَ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى إلَيْك ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُقَلِّبُهُ وَلَا تَرْضَى بِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي الْخَبَرِ «لَا يَسْتَدِيرُ الرَّغِيفُ وَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْك حَتَّى يَعْمَلَ فِيهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَانِعًا أَوَّلُهُمْ مِيكَائِيلُ يَكِيلُ الْمَاءَ مِنْ خَزَائِنِ الرَّحْمَةِ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَزْجُرُ السَّحَابَ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْأَفْلَاكُ وَمَلَائِكَةُ الْهَوَاءِ وَدَوَابُّ الْأَرْضِ وَآخَرُ ذَلِكَ الْخَبَّازُ - {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨] » - وَفِيهِ أَيْضًا أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ قَالَ شَارِحُهُ لِأَنَّ الْخُبْزَ غِذَاءُ الْبَدَنِ وَالْغِذَاءُ قِوَامُ الْأَرْوَاحِ وَقَدْ شَرَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهُ مِنْ أَشْرَفِ الْأَرْزَاقِ وَأَنْزَلَهُ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ فَمَنْ رَمَى بِهِ وَأَطْرَحَهُ مَطْرَحَ الْهَوَانِ فَقَدْ سَخِطَ النِّعْمَةَ وَكَفَرَهَا وَفِيهِ أَيْضًا أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَنْ أَكَلَ مَا يَسْقُطُ مِنْ السُّفْرَةِ غُفِرَ لَهُ قَالَ شَارِحُهُ مَحَا اللَّهُ عَنْهُ الصَّغَائِرَ فَلَا يُعَذِّبُهُ عَلَيْهَا أَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا دَخْلَ لَهَا هُنَا

(فَائِدَةٌ) أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ دَخَلَ الْمُتَوَضَّأَ فَأَصَابَ كِسْرَةً فِي مَجْرَى الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَأَخَذَهَا فَأَمَاطَهَا مِنْ الْأَذَى ثُمَّ غَسَلَهَا ثُمَّ دَفَعَهَا لِغُلَامِهِ، فَقَالَ: ذَكِّرْنِي بِهَا إذَا تَوَضَّأْتُ. فَلَمَّا تَوَضَّأَ قَالَ: نَاوِلْنِيهَا، قَالَ: أَكَلْتهَا، قَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنِّي سَمِعْتُ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ أَخَذَ لُقْمَةً أَوْ كِسْرَةً مِنْ مَجْرَى الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَأَمَاطَ عَنْهَا الْأَذَى وَغَسَلَهَا ثُمَّ أَكَلَهَا، لَمْ تَسْتَقِرَّ فِي بَطْنِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ» ، فَمَا كُنْتُ لِأَسْتَخْدِمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

قَالَ الْهَيْتَمِيُّ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. انْتَهَى.

(وَلَا بَأْسَ بِالْأَكْلِ مُتَّكِئًا أَوْ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، وَقَبْلَ صَلَاةِ عِيدِ الْأَضْحَى فِي الْمُخْتَارِ) قَيْدٌ لِلْكُلِّ. وَعِنْدَ الْبَعْضِ يُكْرَهُ، وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ تَرْكُ الْأُولَى.

قَالَ فِي التتارخانية: وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مُتَّكِئًا أَوْ وَاضِعًا شِمَالَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مُسْتَنِدًا، وَفِيهِ أَيْضًا: الْأَكْلُ يَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، لَكِنْ عَنْ التتارخانية: رُوِيَ «عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَبَرَ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعِيدِ فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللَّهَ سِتِّينَ أَلْفَ سَنَةٍ» . انْتَهَى.

لَكِنْ يَعُدُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةَ الْوَاسِعَةَ مِنْ أَمَارَاتِ الضَّعْفِ بَلْ الْوَضْعِ، فَتَأَمَّلْ.

(وَيُكْرَهُ مَسْحُ السِّكِّينِ وَالْيَدِ بِالْخُبْزِ) وَعَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ يُكْرَهُ مَسْحُ الْأَصَابِعِ عَلَى الْمَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْفَرَاعِنَةِ (وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ إنْ أَكَلَ بَعْدَهُ وَإِذَا أَكَلَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ لِيَتَقَيَّأَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِهِ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ التَّدَاوِي (قَالَ رَأَيْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَأْكُلُ أَلْوَانًا مِنْ الطَّعَامِ وَيُكْثِرُ ثُمَّ يَتَقَيَّأُ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ فِعْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَسُكُوتِ آخِرِهِمْ وَإِلَّا فَفِي حُجِّيَّةِ فِعْلِ الصَّحَابِيِّ كَلَامٌ يُعْرَفُ فِي الْأُصُولِ تَأَمَّلْ.

(وَلَا يَأْكُلُ طَعَامًا حَارًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>