للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَاسِدَةِ وَالنَّغَمَاتِ الْكَاسِدَةِ (وَيُغَيِّرُونَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى) بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي جَوَاهِرِ الْكَلِمَاتِ وَأَدَائِهَا (ثُمَّ يَتَلَفَّظُونَ بِأَلْفَاظٍ مُهْمَلَةٍ) لَا مَعْنَى لَهَا وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا بِلُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ (وَهَذَيَانَاتٍ كَرِيهَةٍ مِثْلَ هاي وهوي وَهِيَ وهيا يَقُولُ) ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ (لَا مَحَالَةَ) أَلْبَتَّةَ بِلَا شَكٍّ وَلَا تَرَدُّدٍ (إنَّ هَؤُلَاءِ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) لِذَلِكَ الْمُصَنِّفِ (مُمَارَسَةٌ بِالْفِقْهِ وَ) مَعَهُ (عِلْمٌ تَفْصِيلِيٌّ بِحَالِهِمْ) لِأَنَّ الْأَمْرَ بَيِّنٌ لِكُلِّ عَامٍّ وَخَاصٍّ قِيلَ عَنْ الشَّارِحِ الْكُرْدِيِّ إيرَادًا عَلَى الْمُصَنِّفِ أَمَّا قَوْلُهُ هاي وهوي إلَى آخِرِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَتَرَاءَى مِنْ شِدَّةِ الذِّكْرِ وَسُرْعَةِ التَّلَفُّظِ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَشَايِخَ الصُّوفِيَّةَ صَرَّحُوا فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى فَرَدَّ عَلَيْهِ إنْ أُرِيدَ مِنْ الْمَشَايِخِ جَهَلَةُ الْمُتَشَيِّخَةِ وَمُتَشَقْشِقَةُ الصُّوفِيَّةِ فَلَا اعْتِدَادَ بِقَوْلِهِمْ بَلْ كَثِيرًا مَا أُلْحِقَ فِي خِلَافِهِمْ، وَإِنْ أُرِيدَ الصُّوفِيَّةُ الْمُتَسَنِّنَةُ وَالْمُتَوَرِّعَةُ الْمُتَشَرِّعَةُ فَافْتِرَاءٌ مَحْضٌ لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ نَقْلٍ صَحِيحٍ مِنْ مُعْتَمَدَاتِ كُتُبِهِمْ وَأَنَا أَقُولُ وَلَوْ سَلِمَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُمْ لَا يَكُونُ حُجَّةً بَلْ الْحُجَّةُ إنَّمَا هِيَ أَقْوَالُ فُقَهَائِنَا الْمُخْتَارَةِ وَالْمُفْتَى بِهَا لَا كُلُّهَا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ إنَّمَا هِيَ مِنْهُمْ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ أَوْرَدَ أَيْضًا عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَعْلَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ عَوَامًّا أَوْ جُهَّالًا إلَى آخِرِهِ غَايَةٌ فِي الضَّلَالَةِ وَشَبِيهٌ بِفِعْلِ الْكُفَّارِ فِي تَحْقِيرِهِمْ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَفِي تَسْلِيطِ سُفَهَائِهِمْ عَلَيْهِمْ وَلِهَذَا يُحْكَى عَنْهُ سُوءُ الْخَاتِمَةِ وَحُقَّ لَهُ ذَلِكَ بِمِثْلِ هَذَا الِاسْتِخْفَافِ وَالِاسْتِحْقَارِ بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْعُبَّادِ وَالزُّهَّادِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ بَعْضِ الظَّنِّ وَالْحُكْمِ بِالْغَيْبِ ضَلَالٌ عَنْ سَوَاءِ الصِّرَاطِ وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ بِالْمُرَاجَعَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْبِدَعِ انْتَهَى إجْمَالًا.

وَأَنَا أَقُولُ إنَّ طَعْنَ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الَّتِي هِيَ الْأَدِلَّةُ الصَّحِيحَةُ لِلْمُقَلِّدِ فَيَكُونُ كَلَامًا عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ الْقَوِيمِ وَنَهْجِ الدِّينِ الْمُبِينِ لَا سِيَّمَا الْإِجْمَاعُ مِنْ أَهْلِ الْيَقِينِ فَالْحَمْلُ عَلَى الضَّلَالَةِ وَالتَّشْبِيهُ بِالْكُفْرِ وَالْغَوَايَةِ لَيْسَ شَيْئًا غَيْرَ الْكُفْرِ بَلْ زَنْدَقَةٌ لَا تُوجِبُ إلَّا الْقَتْلَ بَلْ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إنْ تَابَ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَفْعَالِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا (فَالْوَيْلُ) أَيْ الْعَذَابُ الشَّدِيدُ (لِلْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ) وَسَائِرِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ وَالْإِهْدَامِ (حَيْثُ يَعْرِفُونَ هَذَا وَيُشَاهِدُونَ وَلَا يُنْكِرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>