للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَذْفِ الصِّفَةِ كَمَا قَالُوا فِي - {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ} [المائدة: ٦٨]- أَيْ نَافِعٍ وَأُورِدَ عَلَى أَهْلِ الْوُجُوبِ بِأَنَّ نَفْيَ الْأَعْيَانِ إمَّا نَفْيُ الْإِجْزَاءِ أَوْ الْكَمَالِ، وَعِنْدَ الِاحْتِمَالِ يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَال وَهُوَ أَيْضًا كَمَا تَرَى إذْ النُّصُوصُ مَحْمُولَةٌ عَلَى ظَوَاهِرِهَا، وَمَا لَمْ تَتَعَذَّرْ الْحَقِيقَةُ لَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ لَكِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْحَدِيثِ مِنْ الضَّعْفِ إلَى الْوَضْعِ وَدُفِعَ بِأَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ وَالشَّافِعِيِّ، ثُمَّ قِيلَ وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ وَمِنْ شَوَاهِدِهِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» .

، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ» الِاحْتِطَابُ جَمْعُ الْحَطَبِ «، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ» أَيْ أُخَاصِمُ وَأُحَارِبُ «إلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ» .

وَمِنْ حَدِيثِ النَّسَائِيّ «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ» ، وَعَنْ تَنْبِيهِ أَبِي اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَقَالَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ وَلَا يَشْهَدُ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَاتِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ هُوَ فِي النَّارِ فَاخْتَلَفَ إلَيْهِ شَهْرًا يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَقُولُ فِي النَّارِ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ عَزَّى بَعْضُ أَصْحَابِ حَاتِمٍ الْأَصَمِّ إيَّاهُ لِفَوْتِهِ جَمَاعَةً فَبَكَى وَقَالَ لَوْ مَاتَ لِي ابْنٌ وَاحِدٌ لَعَزَّانِي نِصْفُ أَهْلِ بَلْخٍ وَالْآنَ قَدْ فَاتَنِي جَمَاعَةٌ فَمَا عَزَّانِي إلَّا بَعْضُ أَصْحَابِي وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ لِي الِابْنَانِ جَمِيعًا لَكَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ فَوْتِ هَذِهِ، وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ كَانَ السَّلَفُ يُعَزُّونَ أَنْفُسَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إذَا فَاتَتْهُمْ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى وَيُعَزُّونَ سَبْعًا إذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ.

(وَمِنْهَا تَرْكُ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ) أَيْ تَسْكِينُ الْجَوَارِحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ قُدِّرَ أَدْنَاهُ بِتَسْبِيحَةٍ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَفَرْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالثَّلَاثَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَفِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ وَجِلْسَةِ السَّجْدَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْكَمَالُ وَصَوَّبَهُ الْحَلَبِيُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ وَمُلْتَقَى الْأَبْحُرِ عَنْ الْعَيْنِيِّ وَلَكِنَّ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ التَّعْدِيلَ وَاجِبٌ فِي نَفْسِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَسُنَّةٌ فِي الْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ.

وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْجُرْجَانِيِّ فَفِي الْأَرْبَعَةِ سُنَّةٌ، وَفِي دُرِّ الْمُبْتَغَى الْمَشْهُورُ أَنَّ مُكَمِّلَ الْفَرْضِ وَاجِبٌ وَمُكَمِّلَ الْوَاجِبِ سُنَّةٌ، وَعَنْ هِشَامٍ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَخَافُ عَدَمَ جَوَازِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ اعْتِدَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَفِي الْحَلَبِيِّ وَكَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَنْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فَالْفَرْضُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ.

وَعَنْ ابْنِ الْهُمَامِ الثَّانِيَةُ جَابِرَةٌ لِلْأُولَى عَلَى مَا هُوَ حُكْمُ كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ بِكَرَاهَةِ تَحْرِيمٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي طُمَأْنِينَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَنْهُمَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ أَصَحُّهَا الْوُجُوبُ فِي السُّنَّةِ فَاحْتِمَالُ إكْمَالِ الرُّكْنِيَّةِ، وَفِي طُمَأْنِينَةِ الْقَوْمَةِ وَالْجِلْسَةِ عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا السُّنِّيَّةُ، ثُمَّ الْوُجُوبُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذَاهِبِ وَالرِّوَايَاتِ وُجُوبُ الْأَرْبَعَةِ: طُمَأْنِينَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَرَفْعُ الرَّأْسِ عَنْهُمَا، وَالْقَوْمَةُ، وَالْجِلْسَةُ، وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهِمَا. فَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهَا عَمْدًا أَثِمَ وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَلَوْ سَهْوًا فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ كَحَدِيثِ «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» وَكَحَدِيثِ «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» ثَلَاثًا لِمَنْ خَفَّفَ الصَّلَاةَ وَكَحَدِيثِ «لَوْ مَاتَ هَذَا عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَهُ لِمَنْ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَيُسْرِعُ فِي سُجُودِهِ وَكَحَدِيثِ «لَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةٍ» .

وَفِي رِوَايَةٍ «لَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ» الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَيْهَا وَكَحَدِيثِ «أَسْوَأُ السَّرِقَةِ الَّذِي يَسْرِقُ فِي صَلَاتِهِ بِأَنْ لَا يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ» وَكَحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» أَيْ يَتْرُكُ الْقَوْمَةَ وَالْجِلْسَةَ وَكَحَدِيثِ «مَثَلُ الَّذِي لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي صَلَاتِهِ كَمَثَلِ حُبْلَى حَمَلَتْ فَلَمَّا دَنَا نِفَاسُهَا أَسْقَطَتْ فَلَا هِيَ ذَاتُ حَمْلٍ وَلَا هِيَ ذَاتُ وَلَدٍ» وَغَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُعَدَّلِهِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي دَلِيلِ الْفَرْضِيَّةِ لِأَبِي يُوسُفَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ «صَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>