للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَصْدِ تَشْهِيرِ نَفْسِهِ وَلَعَلَّهُ فَهِمَهُ مِنْ هَيْئَتِهِ وَقَرَائِنِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَقَيَّدَ وَالْتَزَمَ عَلَى مُحَافَظَتِهِ لَمْ يَقَعْ فِي الْخَطَأِ كَمَا قِيلَ فِي سَبِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَطَأً سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرَ هَيْئَتَهُ مِنْ نَحْوِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَوْنِهِ زَمَانَ تَزَاحُمِ الْمُسْتَرْشِدِينَ والمستأدبين.

وَقَدْ يُخَرَّجُ الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرْنَا أَوَّلًا مِنْ جَوَازِ كَوْنِهِ تَعْلِيمًا لِلْآدَابِ لِمَنْ مَعَهُ أَوْ سَمِعَهُ وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى آكَدِ وَجْهٍ إذْ لَا جَرَمَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ يَسْمَعُ هَذَا الصَّنِيعَ مِنْ حَضْرَةِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ لِاحْتِمَالِ الْخَطَأِ وَحَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاحِ لَمْ يَنْسِبْهُ إلَى الْإِثْمِ وَالْفِسْقِ وَالْكَرَاهَةِ فَفِيهِ خَفَاءٌ.

(وَقَالَ لَوْ نَظَرْتُمْ إلَى رَجُلٍ) أَيْ عَلِمْتُمْ إنْسَانًا وَلَوْ امْرَأَةً (وَقَدْ أُعْطِيَ مِنْ) (الْكَرَامَاتِ) مِنْ الْخَوَارِقِ كَالطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَطَيِّ الْمَسَافَةِ (حَتَّى تَرَبَّعَ فِي الْهَوَاءِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ) وَتَعْتَقِدُوا وِلَايَتَهُ وَقُرْبَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مَكْرًا وَاسْتِدْرَاجًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٨٢] وَاسْتِهْزَاءً مِنْهُ وَاَللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (حَتَّى تَنْظُرُوا) تَعْلَمُوا (كَيْفَ تَجِدُونَهُ) بِلَا تَجَسُّسٍ وَالْوِجْدَانُ أَعَمُّ مِمَّا هُوَ بِالْوَاسِطَةِ كَخَبَرِ عَدْلٍ أَوْ خَبَرِ عُدُولٍ خِلَافًا لِمَنْ نَفَى ذَلِكَ إلَّا بِالثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (عِنْدَ الْأَمْرِ) الْإِلَهِيِّ وَلَوْ لِلْأَدَبِ (وَالنَّهْيِ) كَذَلِكَ (وَحِفْظِ الْحُدُودِ) الَّتِي حَدَّهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ فِعْلًا وَتَرْكًا وَفِي إيرَادِ الْجَمْعِ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِغْرَاقِ الْأَفْرَادِ فَتَرْكُ الْوَاحِدِ مُخِلٌّ بِالْمَقْصُودِ وَفِي إيثَارِ الْجَمْعِ إشَارَةٌ إلَى اسْتِغْرَاقِ الْأَنْوَاعِ أَيْضًا فَكَمَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَاتِ يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَاتِ إلَى مَا فِيهِ الِاحْتِيَاطُ وَالْأَوْلَى وَكَذَا فِي جَانِبِ (وَأَدَاءِ) وَهُوَ تَسْلِيمُ عَيْنِ مَا لَزِمَ فِي (الشَّرِيعَةِ) كَعَطْفِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ إطْنَابٌ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ قَالُوا يُرَاعَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ إلَى جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ فِي إتْيَانِ الْأَوْلَى وَالْأَحْوَطِ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ بَلْ يَجْتَهِدُ أَنْ يَأْتِيَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَكُلُّ مُجْتَهِدٍ يَجُوزُ خَطَؤُهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى حَقِّيَّةَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ فَيَجْتَهِدُ فِي إتْيَانِ الْعَمَلِ عَلَى وَجْهٍ يَرْفَعُ الْخِلَافَ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ وَمِنْ مَقَالِ هَذَا الشَّيْخِ عَلَى مَا فِي الْقُشَيْرِيَّةِ قَوْلُهُ حِينَ سُئِلَ بِأَيِّ شَيْءٍ وَجَدْت هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ بِبَطْنٍ جَائِعٍ وَبَدَنٍ عَارٍ.

وَقَوْلُهُ لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنِي مُؤْنَةَ الْأَكْلِ وَمُؤْنَةَ النِّسَاءِ ثُمَّ قُلْت كَيْفَ يَجُوزُ لِي أَنْ أَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى هَذَا وَلَمْ يَسْأَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ أَسْأَلْهُ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ كَفَانِي مُؤْنَةَ النِّسَاءِ حَتَّى لَا أُبَالِيَ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرَأَةٌ أَوْ حَائِطٌ.

(وَقَالَ أَبُو سَلْمَانَ الدَّارَانِيُّ) نِسْبَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>