(يُخَالِفُهُ ظَاهِرٌ) عِلْمٌ ظَاهِرٌ هُوَ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (فَهُوَ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ وَسْوَسَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ وَزَخْرَفَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ فَادِّعَاؤُهُمْ بِأَنَّ الْوُصُولَ مُحْتَاجٌ إلَى رَفْضِ الْعِلْمِ الظَّاهِرِ وَنَحْوُهُ مُسْتَنِدًا إلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَسْلَافِ لَغْوٌ بَاطِلٌ صِرْفٌ (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ) الْبَلْخِيّ ثُمَّ السَّمَرْقَنْدِيُّ مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشَرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ (ذَهَابُ الْإِسْلَامِ) انْطِمَاسُ رَوْنَقِهِ وَاسْتِتَارُ أَنْوَارِهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى إلَّا اسْمُهُ وَصَيْرُورَتُهُ طَبِيعَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ شَرِيعَةً فَلَمْ يَحْكُمْ الرَّجُلُ إلَّا بِمَا يَسْتَحْسِنُهُ بِرَأْيِهِ وَعَقْلِهِ (مِنْ) أَجْلِ أُمُورٍ (أَرْبَعَةٍ لَا يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا الْعِلْمَ إلَّا لِيَتَمَيَّزُوا عَنْ الْعَوَامّ وَيَتَوَسَّلُوا إلَى جَمْعِ الدُّنْيَا مِنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ (وَيَعْمَلُونَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ) أَيْ الصُّوفِيَّةُ الْجُهَّالُ فَتَكُونُ عِبَادَتُهُمْ بِمُجَرَّدِ عُقُولِهِمْ أَوْ بِمَا رَأَوْا مِنْ النَّاسِ عُلَمَاءَ أَوْ لَا (وَلَا يَتَعَلَّمُونَ) مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْكُتُبِ (مَا يَعْمَلُونَ) بِهِ مِنْ عِلْمِ الْحَالِ (وَالنَّاسَ) مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (مِنْ التَّعَلُّمِ يَمْنَعُونَ) بِتَخْوِيفِ مُجَاهِرٍ أَوْ بِتَزْيِينِ مَا يُضَادُّهُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا أَوْ بِإِرَاءَةِ كَسْلَانٍ الْعِلْمَ تَرْوِيجًا لِسِلْعَتِهِمْ الْكَاسِدَةِ فِي الدِّينِ وَتَلْبِيسًا لِطَرِيقِ الصَّالِحِينَ حُبًّا لِلْعَاجِلَةِ وَفِدَاءً لِلْآجِلَةِ وَقِيلَ هُمْ الْمُتَزَيُّونَ بِزِيِّ الْمَشَايِخِ الْفَاسِدُونَ الْمُفْسِدُونَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِلْمَ فِي الْمَوَاضِعِ الْعِلْمُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْمُخَالَفَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي ذَهَابِ الْإِسْلَامِ وَهُمْ يَلْتَزِمُونَ تَرْكَهُ بَلْ شَرَطُوهُ فِي الْوُصُولِ (كُلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ كَلَامِ سَيِّدِ الطَّائِفَةِ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ أَيْ مِنْ كَلَامٍ هُوَ لَفْظُ سَيِّدِ الطَّائِفَةِ (إلَى هُنَا مَنْقُولٌ مِنْ رِسَالَةِ) الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى رُكْنُ الْإِسْلَامِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هَوَازِنَ. (الْقُشَيْرِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قِيلَ هِيَ رِسَالَةٌ كَتَبَهَا إلَى جَمَاعَةِ الصُّوفِيَّةِ بِبُلْدَانِ الْإِسْلَامِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ (اُنْظُرْ) بِعَيْنِ الْإِنْصَافِ وَاتْرُكْ التَّعَصُّبَ وَالِاعْتِسَافَ (أَيُّهَا الْعَاقِلُ الطَّالِبُ لِلْحَقِّ) الْمُطَابِقِ لِلْوَاقِعِ (إنَّ هَؤُلَاءِ) السَّادَةَ الْمَذْكُورِينَ الْجُنَيْدِيَّ وَالسَّرِيَّ وَأَبَا يَزِيدَ وَأَبَا سُلَيْمَانَ وَذَا النُّونِ وَبِشْرًا الْحَافِيَّ وَأَبَا سَعِيدٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ كُلَّهُمْ (عُظَمَاءُ مَشَايِخُ عُلَمَاءُ الطَّرِيقَةِ وَكُبَرَاءُ أَرْبَابِ السُّلُوكِ) فِي السُّيُورِ الْمَعْهُودَةِ (إلَى) مَعْرِفَةِ (اللَّهِ) وَأَنْوَارِ تَجَلِّيَاتِهِ.
(وَالْحَقِيقَةِ) وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ السُّلُوكِ أَيْ الْوُصُولِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمُشَاهَدَةِ الرُّبُوبِيَّةِ بِالتَّجَلِّيَاتِ وَالْمُكَاشَفَاتِ وَارْتِفَاعِ الْحُجُبِ مِنْ الْبَيْنِ (وَكُلُّهُمْ) مَعَ سَائِرِهِمْ لَا الْمَذْكُورُونَ هُنَا فَقَطْ فَالضَّمِيرُ لِمُطْلَقِ الْمَشَايِخِ فِي ضِمْنِ هَذَا الْمُقَيَّدِ (يُعَظِّمُونَ الشَّرِيعَةَ الشَّرِيفَةَ) بِكَمَالِ الِاهْتِمَامِ فِي إتْيَانِ حَقَائِقِهَا وَغَايَةِ الْمُرَاعَاةِ فِي دَقَائِقِهَا إلَى أَنْ يَجْعَلُوا رُخَصَهَا كَالْمُحَرَّمَاتِ وَعَزَائِمَهَا كَالْوَاجِبَاتِ فَضْلًا عَنْ تَرْكِ الْأَوْلَى وَإِتْيَانِ مَا فِيهِ شُبْهَةٌ كَيْفَ وَهُمْ جَعَلُوا الشَّرِيعَةَ لِلْوُصُولِ إلَى مَقَاصِدِهِمْ مَبَادِئَ أَصْلِيَّةً وَمُقَدَّمَاتٍ ضَرُورِيَّةٍ وَبِذَلِكَ وَصَلُوا إلَى مَقَامَاتِهِمْ بَلْ فِي حَالِ غَلَبَةِ وُجْدِهِمْ وَحَالِهِمْ أَكْثَرُهُمْ مَحْفُوظُونَ مِنْ اللَّهِ عَنْ تَرْكِ آدَابِ الشَّرِيعَةِ مَعَ شِدَّةِ حَالَتِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ آدَابِ الشَّرِيعَةِ أَصْلًا وَهَذَا مَقَامُ دَوْلَةِ السَّلْطَنَةِ الْبَايَزِيدِيَّةِ كَانَ مَغْلُوبًا فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَأَزْمِنَةُ الْعِبَادَاتِ عَادَ إلَى حَالِهِ، وَإِذَا أَدَّى لَوَازِمَ الشَّرِيعَةِ عَادَ إلَى الْغَلَبَةِ وَهَذَا بِبَرَكَةِ صِحَّةِ الِاسْتِقَامَةِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَغْلُوبًا دَائِمًا كَالْمَجَانِينِ فَمَعْذُورُونَ.
(وَيَبْنُونَ عُلُومَهُمْ الْبَاطِنَةَ) الْمُفَاضَةَ عَلَيْهِمْ بِالْفَتْحِ الرَّبَّانِيِّ وَالْإِلْهَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute