للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعَمُّقَ وَالْكَثِيرَ فِي الِانْتِهَاءِ وَالْأَوَّلُ لِلْعَوَامِّ وَالثَّانِي لِلْخَوَاصِّ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَقْرُبُ مَا قَالَ الْمُنَاوِيُّ عِنْدَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا أَشْبَهَهُ كَانَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ مُشَابَهَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ وَيَزْجُرُ أَصْحَابَهُ عَنْ التَّبَتُّلِ وَالتَّرَهُّبِ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْعَمَلُ بِالْأَخَفِّ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ غَيْرَ مَا قَلَّدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ.

قَالَ الْمُنَاوِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ حَاصِلُهُ أَنَّ الضَّرُورَةَ جَائِزَةٌ وَإِلَّا لَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْجَوَازَ.

وَعَنْ السُّبْكِيّ فِي الْعَمَلِ بِأَخَفِّ مَذْهَبٍ غَيْرَ مَا قَلَّدَهُ إنْ لِضَرُورَةٍ جَائِزٌ، وَإِنْ لِمُجَرَّدِ التَّرْخِيصِ لَيْسَ بِجَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ، وَإِنْ أَكْثَرَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَكُونَ دَيْدَنَهُ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ وَزِيَادَةِ فُحْشِهِ انْتَهَى (حَدّ زطط خز) الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْأَوْسَطِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ.

(عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ» تَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ «وَتَعَالَى» ارْتَفَعَ عَنْ إدْرَاكِ الْعُقُولِ «يُحِبُّ» الْمَحَبَّةُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى عِبَارَةٌ عَنْ رِضَاهُ الْكَامِلِ «أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ» كَمَا لَا يَرْضَى «أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» بِالرَّفْعِ نَائِبُ الْفَاعِلِ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ بَلْ كَرَاهَةٌ (وَفِي رِوَايَةِ خز) ابْنُ خُزَيْمَةَ «كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُتْرَكَ مَعْصِيَتُهُ» بَدَلٌ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى إلَى آخِرِهِ

فَإِنْ قُلْت إنَّ تَرْكَ الْمَعْصِيَةِ سِيَّمَا عِنْدَ تَدَاعِي الشَّهْوَةِ مَعَ الْفُرْصَةِ زَائِدٌ فِي الْفَضْلِ مِنْ إتْيَانِ مُطْلَقِ الطَّاعَةِ وَأَيْضًا كَرَاهَتُهُ تَعَالَى الْمَعْصِيَةَ أَقْوَى مِنْ مَحَبَّتِهِ الطَّاعَةَ فَكَيْفَ التَّشْبِيهُ الْمُوجِبُ لِلتَّشَارُكِ بَيْنَهُمَا قُلْت قَدْ سَمِعْت أَقْوَوِيَّةَ وَجْهِ الشَّبَهِ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ.

(ططك) الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ط طك بِفَصْلِ الطَّاءِ عَنْ الطَّاءِ وَفُسِّرَ بِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ) اسْمُهُ عُوَيْمِرٌ وَقِيلَ هُوَ لَقَبُهُ وَاسْمُهُ عَامِرٌ وَقِيلَ عُمَيْرٌ وَقِيلَ عُمَرُ وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ هَلْ شَهِدَ بَدْرًا أَوْ لَا مَعَ الِاتِّفَاقِ أَنَّهُ شَهِدَ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ.

(وَوَاثِلَةِ بْنِ الْأَسْقَعِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ» يَرْضَى «أَنْ تُقْبَلَ رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ الْعَبْدُ مَغْفِرَةَ رَبِّهِ» أَيْ سَتْرَهُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ عِقَابِهِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ فَيَنْبَغِي اسْتِعْمَالُ الرُّخْصَةِ فِي مَوَاضِعِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ سِيَّمَا لِعَالِمٍ يُقْتَدَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى مَنْدُوبٍ وَلَمْ يَعْمَلْ بِالرُّخْصَةِ أَصَابَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ فَكَيْفَ بِمَنْ أَصَرَّ عَلَى بِدْعَةٍ فَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِالرُّخْصَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَعَلَّ مُرَادَهُ الِاسْتِعْمَالُ أَحْيَانًا كَمَا قِيلَ إنَّهُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ الْعَزِيمَةِ أَبَدًا وَإِلَّا فَلَا شَكَّ فِي أَفْضَلِيَّةِ الْعَزِيمَةِ.

وَأَنَا أَقُولُ إنَّ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ مُؤَوَّلٌ وَمُقَيَّدٌ بِالِاحْتِيَاجِ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ رُخْصَةٌ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعَزِيمَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَرَدِّ مَنْ لَا يَرَاهُ وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ عِنْدَ عَدَمِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الرُّخْصَةَ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْفِعْلِ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ وَحُرْمَةِ الْفِعْلِ فَالسَّابِقُ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ وُرُودَ مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِمُجَرَّدِ بَيَانِ الْجَوَازِ لِدَفْعِ وَهْمِ الْحُرْمَةِ النَّاشِئَةِ مِنْ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ فَالْمَعْنَى يُحِبُّ أَنْ تُقْبَلَ رُخْصَتُهُ يَعْنِي يَرْضَى وَيَتْرُكُ مُؤَاخَذَتَهُ، وَإِنْ قَامَ دَلِيلُ حُرْمَتِهِ بِنَاءً عَلَى عُذْرِ عَبْدِهِ فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ الْمَطْلُوبِ هُنَا وَلَوْ أُرِيدَ نَفْيُ الْإِفْرَاطِ الْحَاصِلِ مِنْ عَزِيمَةِ الْعَمَلِ كَإِتْيَانِ أَرْبَعٍ لِلْمُسَافِرِ وَصَوْمِهِ وَقِيَامِ الْمَرِيضِ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِتْعَابِ فَلَوْ سُلِّمَ كَوْنُ هَذَا الْمَعْنَى مُرَادًا فَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِفْرَاطَ الْمَنْفِيَّ فِي مَطْلُوبِ هَذَا الْمَقَامِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ.

(خ م عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ وَكَانَ مُتَعَبِّدًا حَافِظًا مُجْتَهِدًا أَحَدَ الْعَبَادِلَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>