لِثُبُوتِهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْحِكَايَاتِ
أَمَّا الْكِتَابُ فَنَحْوُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ آصَفِ بْنِ بَرْخِيَا - {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: ٤٠]- أَحْضَرَ عَرْشَ بِلْقِيسَ مِنْ مَسَافَةٍ كَثِيرَةٍ قَبْلَ ارْتِدَادِ الطَّرْفِ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (مِنْ قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِي الْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ) وَلِإِمْكَانِ ذَلِكَ.
قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي وَجْهِ ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِ غَرْبِيَّةٍ كَانَ زَوْجُهَا شَرْقِيًّا لِثُبُوتِ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الزَّعْفَرَانِيِّ وَهُوَ يَحْكِي عَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ مِنْ كُفْرِ اعْتِقَادِ أَنَّهُ رُئِيَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِالْكُوفَةِ وَبِمَكَّةَ لَكِنَّهُ عِنْدِي لَيْسَ بِكُفْرٍ بَلْ جَهْلٌ وَكُفْرٌ أَيْضًا مُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ إذْ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ مُعْجِزَاتِ الْكِبَارِ مُخْتَصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ فَلَوْ جَازَ لِغَيْرِهِمْ لَمْ يَبْقَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ فَلَيْسَ بِمَرْضِيٍّ مُطْلَقًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا أَنَّ فِي كَلَامِ الْقَاضِي الْإِمَامِ أَبِي زَيْدٍ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مَا يَدُلُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ.
وَأَيْضًا فِي صُرَّةِ الْفَتَاوَى الْإِنْصَافُ مَا ذَكَرَهُ النَّسَفِيُّ حِينَ سُئِلَ عَمَّا يُحْكَى أَنَّ الْكَعْبَةَ تَزُورُ وَاحِدًا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَقَالَ نَقْضُ الْعَادَةِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَامَةِ لِأَهْلِ الْوِلَايَةِ جَائِزٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ الْمَقَاصِدِ انْتَهَى وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ زِيَارَةَ الْكَعْبَةِ مَعَ كَوْنِهَا أَعْظَمَ إذَا جَازَ فَبِالْأَوْلَى فِي قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَأَقُولُ إنَّ كَرَامَةَ الْوَلِيِّ مُعْجِزَةٌ لِنَبِيِّهِ وَإِنَّ السَّابِقَ إلَى الْخَاطِرِ أَنَّهُ لَا تُوجِبُ الْعَظَمَةُ فِي الْخَارِقِ التَّفَوُّقَ فِي الْفَضْلِ وَالسَّبَقِيَّةَ فِي الشَّرَفِ لَعَلَّ وَجْهَ الْإِكْفَارِ مُخْتَصٌّ بِمَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ مَزِيَّةَ رُتْبَةِ هَذَا الْوَلِيِّ عَلَى النَّبِيِّ كَمَا يَزْعُمُهُ بَعْضُ جُهَلَاءِ الصُّوفِيَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إذَا غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي بَلْدَةٍ وَكَانَ صَاحِبَ خُطْوَةٍ فَحَضَرَ مَطْلَعًا آخَرَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ بَعْدَمَا صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الْبَلَدِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا (وَظُهُورِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) كَمَا فِي قِصَّة مَرْيَمَ - {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} [آل عمران: ٣٧]- الْآيَةَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الذُّكُورَةَ شَرْطٌ فِي النُّبُوَّةِ فَلَيْسَتْ بِنَبِيَّةٍ.
وَفِي رِسَالَةِ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصِ قَالَ لِي رَاهِبٌ هَاتِ مَا عِنْدَك فَقَدْ جُعْنَا فَقُلْت: إلَهِي لَا تَفْضَحْنِي مَعَ هَذَا الْكَافِرِ فَرَأَيْت طَبَقًا عَلَيْهِ خُبْزٌ وَلَحْمٌ وَشِوَاءٌ وَرُطَبٌ وَكُوزٌ فَأَكَلْنَا وَشَرِبْنَا وَمَشَيْنَا ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: يَا رَاهِبُ هَاتِ مَا عِنْدَكَ انْتَهَتْ النَّوْبَةُ إلَيْكَ فَاتَّكَأَ عَلَى عَصَاهُ وَدَعَا فَإِذَا بِطَبَقَيْنِ عَلَيْهِمَا أَضْعَافُ مَا كَانَ عَلَى طَبَقِي فَتَحَيَّرْتُ وَتَغَيَّرْتُ وَأَبَيْتُ أَنْ آكُلَ فَأَلَحَّ عَلَيَّ وَلَمْ أُجِبْهُ فَقَالَ: كُلْ فَإِنِّي أُبَشِّرُكَ بِبِشَارَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَحَلَّ الزُّنَّارَ وَالْأُخْرَى إنِّي قُلْتُ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هَذَا الْعَبْدُ خَطِيرًا عِنْدَكَ فَافْتَحْ عَلَيَّ بِهَذَا فَفَتَحَ قَالَ فَأَكَلْنَا وَمَشَيْنَا وَحَجَّ ثُمَّ مَاتَ فِي مَكَّةَ.
(وَاللِّبَاسِ عِنْدَ الْحَاجَةِ) وَعَنْ ابْنِ بَشْكُوَالٍ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ رَأَى جَعْفَرًا الصَّادِقَ صَعِدَ أَبَا قُبَيْسٍ وَاسْتَغَاثَ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ الْجُوعِ وَالْعُرَى فَنَزَلَتْ سَلَّةٌ فِيهَا عِنَبٌ وَدَرَجَانِ مِنْ الْقَمِيصِ (وَالطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ) قِيلَ: كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute