فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَالَ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» أَوْ لِارْتِضَاءِ النَّبِيِّ أَفْعَالَهُ أَوْ لِأُخُوَّتِهِ وَصُحْبَتِهِ وَفَضَائِلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ الْمَوَاقِفِ بِوُجُوهٍ:
أَوَّلُهَا: آيَةُ الْمُبَاهَلَةِ {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: ٦١] لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَنْفُسِ عَلِيٌّ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ الصَّحِيحَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلِيًّا إلَى هَذَا الْمَقَامِ.
ثَانِيهَا: خَبَرُ الطَّيْرِ «حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ طَائِرٌ مَشْوِيٌّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِك إلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ فَأَتَى عَلِيٌّ وَأَكَلَ مَعَهُ» .
ثَالِثُهَا: «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذِي الثُّدَيَّةِ يَقْتُلُهُ خَيْرُ الْخَلْقِ» وَقَدْ قَتَلَهُ عَلِيٌّ.
رَابِعُهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخِي وَوَزِيرِي وَخَيْرُ مَنْ أَتْرُكُهُ بَعْدِي يَقْضِي دَيْنِي وَيُنَجِّزُ وَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» .
خَامِسُهَا: «قَوْلُهُ لِفَاطِمَةَ أَمَا تَرْضِينَ أَنِّي زَوَّجْتُك مِنْ خَيْرِ أُمَّتِي» .
سَادِسُهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ مَنْ أَتْرُكُهُ بَعْدِي عَلِيٌّ» .
سَابِعُهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ وَسَيِّدُ الْعَرَبِ وَعَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَرَبِ» .
ثَامِنُهَا: «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَاخْتَارَ مِنْهُمْ أَبَاك فَاتَّخَذَهُ نَبِيًّا ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً وَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَعْلَك» أَيْ زَوْجَك.
تَاسِعُهَا: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا آخَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ اتَّخَذَهُ أَخًا لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِعُلُوِّ رُتْبَتِهِ وَفَضْلِهِ.
عَاشِرُهَا: «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَمَا بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ إلَى خَيْبَرَ فَرَجَعَا مُنْهَزِمَيْنِ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَرَّارًا غَيْرَ فَرَّارٍ وَأَعْطَاهَا عَلِيًّا» .
حَادِيَ عَشَرَهَا: قَوْله تَعَالَى فِي حَقِّ النَّبِيِّ {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: ٤] وَالْمُرَادُ بِصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ كَمَا نَقَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ.
ثَانِيَ عَشَرَهَا: قَوْلُهُ «- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ وَإِلَى نُوحٍ فِي تَقْوَاهُ وَإِلَى إبْرَاهِيمَ فِي حِلْمِهِ وَإِلَى مُوسَى فِي هَيْبَتِهِ وَإِلَى عِيسَى فِي عِبَادَتِهِ فَلْيَنْظُرْ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَالَاتٍ يَكَادُ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ فِي غَيْرِهِ نَحْوَ كَوْنِهِ أَعْلَمَ النَّاسِ وَأَحْرَصَهُمْ عَلَى التَّعَلُّمِ وَكَانَ فِي صِغَرِهِ فِي حِجْرِهِ وَفِي كِبَرِهِ خَتَنًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ وَأَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا» وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حِينَ نَهَاهُ عَلِيٌّ عَنْ رَجْمِ مَنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَرَجْمِ الْحَامِلَةِ: لَوْلَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ.
وَإِنَّ جَمِيعَ الْفِرَقِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَكَذَا الْمُتَصَوِّفَةُ فِي تَصْفِيَةِ الْبَاطِنِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَئِيسُ الْمُفَسِّرِينَ تِلْمِيذُهُ وَعِلْمُهُ وَفَصَاحَتُهُ وَفِقْهُهُ فِي الدَّرَجَةِ الْقُصْوَى، وَأَنَّهُ أَزْهَدُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا مَعَ اتِّسَاعِ أَبْوَابِ الدُّنْيَا وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى الدُّنْيَا، وَتَخَشَّنَ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَلَابِسِ حَتَّى قَالَ لِلدُّنْيَا طَلَّقْتُك ثَلَاثًا وَأَنَّهُ أَكْرَمُ النَّاسِ وَأَسْخَاهُمْ حَتَّى يُؤْثِرَ الْمَحَاوِيجَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، حَتَّى تَصَدَّقَ فِي الصَّلَاةِ بِخَاتَمِهِ وَتَصَدَّقَ فِي لَيَالِيِ صِيَامِهِ الْمَنْذُورِ بِمَا كَانَ فُطُورَهُ وَنَزَلَ فِيهِ {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: ٨] وَأَنَّهُ أَشْجَعُ النَّاسِ فِي الْحُرُوبِ حَتَّى «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْأَحْزَابِ لَضَرْبَةُ عَلِيٍّ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ» .
وَتَوَاتَرَتْ وَقْعَتُهُ فِي خَيْبَرَ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ اُشْتُهِرَ حُسْنُ خُلُقِهِ وَمَزِيدُ قُوَّتِهِ فِي بَدَنِهِ حَتَّى قَلَعَ بَابَ خَيْبَرَ بِيَدِهِ «وَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ جَعَلْتَنِي خَلِيفَةً لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» الْحَدِيثَ.
«وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ شَكَوْا مِنْ عَلِيٍّ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ مَا تُرِيدُونَ عَلِيًّا ثَلَاثًا إنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي» .
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِذًا بِيَدِ عَلِيٍّ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُ وَلِيِّي وَأَنَا وَلِيُّكَ» .
وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتَا فِي كِفَّةٍ ثُمَّ وُضِعَ إيمَانُ عَلِيٍّ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ لَرَجَحَ إيمَانُ عَلِيٍّ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِوَفْدِ ثَقِيفٍ لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِثْلَ نَفْسِي فَلَيَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَكُمْ إلَى آخِرِهِ قَالَ عُمَرُ مَا تَمَنَّيْت الْإِمَارَةَ إلَّا يَوْمَئِذٍ فَالْتَفَتَ إلَى عَلِيٍّ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَالَ هُوَ