للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا هُوَ هَذَا» .

وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ احْتِضَارِهِ اُدْعُوا إلَيَّ حَبِيبِي فَدَعَوْت لَهُ أَبَا بَكْرٍ فَنَظَرَ إلَيْهِ وَقَالَ اُدْعُوا إلَيَّ حَبِيبِي فَدَعَوْا لَهُ عُمَرَ فَنَظَرَ إلَيْهِ فَقَالَ: اُدْعُوا إلَيَّ حَبِيبِي فَقُلْت: وَيْلُكُمْ اُدْعُوا عَلِيًّا فَلَمَّا رَآهُ أَفْرَدَ الثَّوْبَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَلَمْ يَزَلْ مُحْتَضِنَهُ حَتَّى قُبِضَ وَيَدُهُ عَلَيْهِ» .

وَبِالْجُمْلَةِ إنَّ مَنَاقِبَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خَارِجَةٌ عَنْ طَوْقِ الْقَلَمِ وَإِحَاطَةِ الْبَيَانِ وَلِهَذَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: الْإِنْصَافُ إنْ أُرِيدَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ كَثْرَةُ مَا يَعُدُّهُ ذَوُو الْعُقُولِ مِنْ الْفَضَائِلِ فَلَا يَتَوَقَّفُ فِي أَفْضَلِيَّةِ عَلِيٍّ لَكِنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ كَثْرَةُ الثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا جَاءَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْفَضَائِلِ مَا جَاءَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى مَا ذُكِرَ يَلْزَمُ تَفْضِيلُ عَلِيٍّ عَلَى الْكُلِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ.

قُلْنَا: قَدْ أُجِيبَ فِي الْمَوَاقِفِ عَنْ أَكْثَرِ مَا ذُكِرَ مِمَّا دَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ عَلِيٍّ لَكِنَّ الْكَثْرَةَ لَا تُفِيدُ الظَّنَّ فَضْلًا عَنْ الْقَطْعِ وَلِهَذَا قَالَ فِيهِ أَيْضًا وَالنُّصُوصُ الْمَذْكُورَةُ لِتَعَارُضِهَا لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلَبَ لِكَوْنِهِ مِنْ الِاعْتِقَادِيَّاتِ لَا مِنْ الْعَمَلِيَّاتِ يَقِينِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَلِأَنَّ الْأَخْبَارَ بِأَسْرِهَا آحَادٌ مَعَ كَوْنِهَا مُتَعَارِضَةً وَأَنَّ الثَّوَابَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَهُ أَنْ لَا يُثِيبَ الْمُطِيعَ وَيُثِيبَ غَيْرَهُ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ وَجَدْنَا السَّلَفَ فِي تَرْتِيبِ الْفَضْلِ هَكَذَا فَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ لَمَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُمْ وَتَفْوِيضُ الْحَقِّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَفِي شَرْحِهِ أَيْضًا قَدْ تَكُونُ فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ أَرْجَحَ مِنْ فَضَائِلَ كَثِيرَةٍ فَلَا جَزْمَ بِالْأَفْضَلِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ الْمُرَادُ هُنَا مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ السَّلَفُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَفْضِيلِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ وَقَالَ الدَّوَانِيُّ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ التَّوَقُّفُ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ تَفْضِيلُ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَالْإِنْصَافُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْأَفْضَلِيَّةِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ فَالِلتَّوَقُّفِ فِيهِ جِهَةٌ وَإِنْ أُرِيدَ كَثْرَةُ مَا يَعُدُّهُ ذَوُو الْعُقُولِ مِنْ الْفَضَائِلِ فَلَا وَبِالْجُمْلَةِ إنَّ كَثْرَةَ الثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ وَخَبَرُ الرَّسُولِ آحَادٌ مَعَ كَوْنِهَا مُتَعَارِضَةً وَرُبَّ عَمَلٍ قَلِيلٍ يَكْثُرُ ثَوَابُهُ مِنْ أَعْمَالٍ كَثِيرَةٍ.

(وَخِلَافَتُهُمْ) أَيْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ (عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْضًا) كَمَا فِي تَرْتِيبِ الْأَفْضَلِيَّةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ شَرْطُ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي الْإِمَامَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَكِنْ يُشِيرُ إلَى كَوْنِ ذَلِكَ أَوْلَى بِدُونِ وُجُوبٍ وَهُمْ خُلَفَاءُ الرَّسُولِ بِلَا نَصٍّ خِلَافًا لِلْبَكْرِيَّةِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَالشِّيعَةِ فِي عَلِيٍّ (ثُمَّ) بَعْدَهُمْ فِي الْفَضْلِ (سَائِرُ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي أُصُولِ الْحَدِيثِ وَأَفْضَلُهُمْ الْأَرْبَعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>