عَلَى التَّرْتِيبِ ثُمَّ الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرَةُ ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ ثُمَّ أَهْلُ أُحُدٍ ثُمَّ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ ثُمَّ أَهْلُ الْعَقَبَتَيْنِ (وَنَكُفُّ) أَلْسِنَتَنَا وَقُلُوبَنَا.
(عَنْ ذِكْرِهِمْ إلَّا بِخَيْرٍ) فَلَا نَذْكُرُ مَا يُوهِمُ ذَمَّهُمْ وَمَا يُشْعِرُ بِمُسَاوِيهِمْ فَضْلًا عَنْ تَصْرِيحِ ذَلِكَ لِلْأَوَامِرِ بِتَعْظِيمِهِمْ وَالنَّهْيِ وَالتَّهْدِيدِ فِي بُغْضِهِمْ فَلَيْسَ عَلَيْنَا إلَّا حُبُّهُمْ وَتَوْقِيرُهُمْ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُذْكَرَ قِصَصُ نَحْوِ صِفِّينَ وَالْجَمَلِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى اسْتِلْزَامِ الشَّيْنِ فِي طَرَفٍ مَا وَلَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ لِلذِّكْرِ وَلِهَذَا تَرَاهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا فِي كُتُبِهِمْ وَمَنْ ذَكَرَهَا إمَّا بِمُلَاحَظَةِ التَّأْوِيلِ أَوْ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِنَفْيِ مَا زَادُوا وَأَفْرَطُوا قَالُوا: إنَّ مِثْلَ تِلْكَ الْمُخَاصَمَاتِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ وَالْمُخْطِئُ فِي الِاجْتِهَادِ لَا يُؤَاخَذُ بَلْ يُؤْجَرُ نِصْفُ مَا لِلْمُصِيبِ.
قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ اللَّعْنُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ وَكَذَا عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الزَّاهِدِ الصَّفَارِيِّ يَحْكِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: لَا تَلْعَنُوا مُعَاوِيَةَ وَلَا بَأْسَ بِاللَّعْنِ عَلَى يَزِيدَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى وَنُقِلَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيِّ جَوَازُ لَعْنِهِ لِكُفْرِهِ بِأَمْرِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ: وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ اللَّعْنِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ أَوْ أَجَازَ وَرَضِيَ بِهِ وَالْحَقُّ أَنَّ رِضَا يَزِيدَ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَاسْتِبْشَارَهُ بِذَلِكَ وَإِهَانَةَ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا تَوَاتَرَ مَعْنَاهُ وَإِنْ كَانَتْ تَفَاصِيلُهُ آحَادًا فَنَحْنُ لَا نَتَوَقَّفُ فِي شَأْنِهِ بَلْ فِي إيمَانِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ انْتَهَى لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْقَتْلِ أَوْ الْأَمْرِ بِلَا اسْتِحْلَالٍ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِ فِي إيجَابِ الْكُفْرِ تَحَكُّمٌ وَاسْتِلْزَامُ إهَانَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَلَوْ سَلِمَ الِاسْتِلْزَامُ فَالْأَكْثَرُ أَنَّ لُزُومَ الْكُفْرِ لَيْسَ بِكُفْرٍ بَلْ الْكُفْرُ الْتِزَامُ الْكُفْرِ وَلَوْ سَلِمَ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ اللُّزُومِ بَيِّنًا بَلْ بِمَعْنَى الْأَخَصِّ وَلَوْ سَلِمَ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ تَائِبًا بَعْدَهُ.
وَقَدْ قَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى مُعَيَّنٍ غَيْرُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الشَّارِعُ كَأَبِي لَهَبٍ وَأَبِي جَهْلٍ لَعَلَّ هَذَا لَمْ يُكَفِّرْ قَاتِلَ عُثْمَانَ مَعَ كَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْحُسَيْنِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِكْفَارَ إنَّمَا هُوَ لِاسْتِحْلَالِهِ الْخَمْرَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ نَشْرَبْ عَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ فَلْنَشْرَبْ عَلَى دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَلِقَوْلِهِ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهِ فِي دِيوَانِهِ الْمَنْحُوسِ رَأْسُهُ الشَّرِيفُ الطَّيِّبُ الْمُبَارَكُ لِمَ لَمْ تُخَلِّصْك مَا اغْتَرَرْت عَلَيْهِمْ مِنْ أَبَوَيْك وَجَدِّك فَالْآنَ انْطَفَأَتْ حَرَارَتِي الْحَاصِلَةُ مِنْ قَتْلِ أَبِيك سَبْطِي فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَنَحْوُهُ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ ثُبُوتُهُ فَلَعَلَّ لِذَلِكَ كُلِّهِ ذَهَبَ السَّلَفُ وَالْجُمْهُورُ مِنْ الْخَلَفِ عَلَى عَدَمِ لَعْنِهِ لَكِنْ إنْ صَدَرَ جِنْسُ مَا ذُكِرَ مِنْهُ وَدَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتُبْ فَنُكَفِّرْهُ أَلْبَتَّةَ وَإِلَّا فَلَا نُكَفِّرُهُ أَلْبَتَّةَ وَإِنْ عَلِمَ صُدُورَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ تَوْبَتُهُ فَمُقْتَضَى قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ نَعَمْ وَمُقْتَضَى عَدَمِ جَوَازِ تَعْيِينِ اللَّعْنِ كَمَا مَرَّ آنِفًا لَا فَلَعَلَّ الْأَسْلَمَ هُوَ التَّوَقُّفُ.
وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute