للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تَخْرِيجِ أَبِي يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِمًا بِالْقِسْطِ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ مِنْ نَثْلِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ» قَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيّ: الْأَحَادِيثُ فِي ذَمِّ مُعَاوِيَةَ وَكَذَا فِي فَضَائِلِهِ وَذَمِّ يَزِيدَ مَوْضُوعَةٌ.

(وَنَشْهَدُ بِالْجَنَّةِ لِلْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ) بَشَّرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَنَّةِ وَهُمْ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَسَعِيدٌ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.

قِيلَ: عَنْ الْكَرْمَانِيِّ فِي وَجْهِ التَّخْصِيصِ بِالْعَشَرَةِ مَعَ أَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ أَكْثَرُ كَمَا سَيُذْكَرُ إمَّا لِكَوْنِ تَبْشِيرِهِمْ دُفْعَةً أَوْ لِوُقُوعِهِ بِلَفْظِ الْبِشَارَةِ أَوْ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بَعْدَهُ لَا يُنَافِي مَا عَدَاهُ وَأَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شُيُوعَ ذَلِكَ قَبْلَ وُرُودِ تَبْشِيرِ مَنْ سِوَاهُمْ (وَفَاطِمَةُ) بِنْتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لِنَحْوِ مَا رَوَى خُزَيْمَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ لَمْ يَنْزِلْ الْأَرْضَ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ وَيُبَشِّرَنِي أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .

وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَهَبَ بِي إلَى بَابِ فَاطِمَةَ لِلْعِيَادَةِ عِنْدَ مَرَضِهَا فَاسْتَأْذَنَ قَالَتْ: نَعَمْ يَا أَبَتَاهُ فَوَاَللَّهِ مَا عَلَيَّ إلَّا عَبَاءَةٌ فَقَالَ لَهَا اصْنَعِي بِهَا كَذَا وَكَذَا فَعَلَّمَهَا كَيْفَ تَسْتَتِرُ فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا عَلَى رَأْسِي خِمَارٌ فَأَخَذَ خَلْقَ مُلَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ اخْتَمِرِي بِهَا ثُمَّ أَذِنْت فَدَخَلَا فَقَالَ: كَيْفَ نَجِدُك يَا بُنَيَّةُ فَقَالَتْ: إنِّي وَجِعَةٌ وَأَنَّهُ لِيَزِيدَنِي أَنَّهُ مَا لِي طَعَامٌ آكُلُهُ قَالَ: يَا بُنَيَّةُ أَمَا تَرْضِينَ أَنَّكِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ قَالَتْ: يَا أَبَتِ فَأَيْنَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ قَالَ: تِلْكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِك أَمَا وَاَللَّهِ زَوَّجْتُك سَيِّدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» .

وَفِي رِوَايَةٍ «أَمَا إنَّهَا سَيِّدَةُ النِّسَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -» وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَبِيهَا (وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَعَنْ أَبَوَيْهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ.

وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «شَبَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَمْسَةٌ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ وَابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ»

وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنَ إلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» .

«وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا» (وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ بَشَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ أُمِّ فَاطِمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ»

وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «سَيِّدَاتُ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثٌ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَوَّلُ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ إسْلَامًا»

قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ أَيْ وَمَرْيَمُ وَيُحْتَمَلُ عَائِشَةُ وَفِيهِ أَيْضًا «سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ مَرْيَمُ وَفَاطِمَةُ وَخَدِيجَةُ وَآسِيَةُ» .

وَفِي شَرْحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ثُمَّ فَاطِمَةُ ثُمَّ خَدِيجَةُ ثُمَّ آسِيَةُ فَالظَّاهِرُ مَرَاتِبُ الْفَضْلِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ تَفْضِيلُ فَاطِمَةَ عَلَى خَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - وَكَلَامُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي وَصَايَاهُ صَرِيحٌ فِي تَفْضِيلِ عَائِشَةَ بَعْدَ خَدِيجَةَ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَظَاهِرٌ فِي تَفْضِيلِ خَدِيجَةَ عَلَى عَائِشَةَ.

وَكَلَامُ بَدْءِ الْأَمَالِي صَرِيحٌ فِي تَفْضِيلِ عَائِشَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِخُصُوصِهَا وَوُجِّهَ بِكَثْرَةِ رِوَايَتِهَا وَدِرَايَتِهَا وَبِمَعِيَّتِهَا بِالنَّبِيِّ فِي الْآخِرَةِ وَقِيلَ: بِتَفْضِيلِ فَاطِمَةَ عَلَى عَائِشَةَ لِكَوْنِهَا جُزْءَ النَّبِيِّ أَقُولُ: مُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ تَرْجِيحُ جَانِبِ فَاطِمَةَ إذْ لَا مَسَاغَ لِلدِّرَايَةِ هُنَا وَالرِّوَايَةُ مُقْتَضِيَةٌ قُوَّةَ هَذَا الْجَانِبِ كَمَا سُمِعَتْ أَخْبَارُ فَاطِمَةَ.

وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ عَلَى تَفْضِيلِ عَائِشَةَ بِنَحْوِ حَدِيثِ «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ بِاللَّحْمِ» وَحَدِيثِ «فَضْلُ الثَّرِيدِ عَلَى الطَّعَامِ كَفَضْلِ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ» فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي رُجْحَانَهَا عَلَى فَاطِمَةَ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ فَاطِمَةَ ثُبُوتًا وَدَلَالَةً نَعَمْ إنَّ تَفْضِيلَ أَبِي حَنِيفَةَ لِكَوْنِهِ أَقْدَمَ وَأَعْلَمَ وَأَوْثَقَ وَأَوْرَعَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَهُ دَلِيلٌ رَاجِحٌ غَايَتُهُ عَدَمُ اطِّلَاعِنَا وَعَدَمُ الْوِجْدَانِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُجُودِ.

اعْلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>