إلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهِمَا عَلَى أَوْلِيَاءِ جَمِيعِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ وَلَوْ هُمْ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ نُبُوَّتِهِمْ وَقَدْ نَصَّ الْقُرْآنُ فِي مَوَاضِعِهِ بِمَا يُشْعِرُ فَضْلَهُ فَافْهَمْ (وَخَرَّجَ ت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَلَهُ وَزِيرَانِ» الْوَزِيرُ وَلِيُّ الْعَهْدِ وَيَحْمِلُ الثِّقَلَ وَيُعِينُ بِالرَّأْيِ «مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَجَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلُ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -» .
«وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَعَلَّ هَذَا تَمْثِيلٌ لِرُتْبَةِ الشَّرَفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَوَاقِي إذْ حَاصِلُ الْوَزَارَةِ التَّبَعِيَّةُ، وَالْإِعَانَةُ فَإِعَانَةُ أَبِي بَكْرٍ بِكَوْنِهِ سَابِقًا فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى صَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَعْيَانِ كِبَارِ الْأَصْحَابِ أَسْلَمُوا بِإِشَارَتِهِ وَإِعَانَةُ عُمَرَ بِظُهُورِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَهُمَا كَانَا خَلِيفَةً بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِعَانَةُ جَبْرَائِيلَ ظَاهِرَةٌ.
وَأَمَّا إعَانَةُ مِيكَائِيلَ فَلَعَلَّهُ فِي الْإِعَانَةِ فِي الْحُرُوبِ عِنْدَ إمْدَادِهِ تَعَالَى بِالْمَلَائِكَةِ أَوْ يُقَالُ هُمَا وِزَارَتُهُمَا فِي مَصَالِحِ الْمَلَكُوتِ، وَالْجَبَرُوتِ يَعْنِي فِي الْأُمُورِ الَّتِي بَيْنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَوِزَارَةُ الْعُمُرَيْنِ فِيمَا بَيْنَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ أُمَّتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَخَرَّجَ خ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ) بْنِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ غَيْرِ فَاطِمَةَ مِنْ جَارِيَةٍ أَخَذَهَا عَلِيٌّ مِنْ سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ جَمَاعَةِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَيُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ الْأَكْبَرُ وَلِابْنٍ آخَرَ مُحَمَّدٌ الْأَوْسَطُ وَلِآخَرَ لَهُ مُحَمَّدٌ الْأَصْغَرُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ لَعَلَّ لِغَايَةِ الْفَضْلِ فِي اسْمِ مُحَمَّدٍ كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ وَإِنْ طَعَنَهُ بَعْضُهُمْ. وَيُقَالُ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْوَلَدِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذَكَرًا وَتِسْعَ عَشْرَةَ أُنْثَى (قُلْت لِأَبِي) يَعْنِي عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ قُلْت ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ وَخَشِيت أَنْ أَقُولَ ثُمَّ مَنْ فَيَقُولَ عُثْمَانُ قُلْت ثُمَّ أَنْتَ قَالَ مَا أَنَا إلَّا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَقَعَتْ الرِّوَايَةُ فِي بَحْرِ الْكَلَامِ هَكَذَا أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَنْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُمَرُ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ عُثْمَانُ قَالَ ثُمَّ مَنْ فَسَكَتَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَقَالَ لَوْ شِئْت لَأَنْبَأْتُكُمْ بِالرَّابِعِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنْتَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَبُوك امْرُؤٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا سَكَتَ لِئَلَّا يُرِدْ مَدْحَ نَفْسِهِ وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي تَفْصِيلِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ الْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي الْآخِرِينَ مَعَ كَوْنِ الْأَكْثَرِ، وَالْأَصَحِّ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَلَى وَفْقِ هَذَا التَّرْتِيبِ.
(وَخَرَّجَ ت عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ» ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْإِمَامَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ فَمَنْ هُوَ أَفْضَلُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ كَمَا فَصَّلْت فِي الْفِقْهِيَّةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُشَارَ مِنْهُ الْإِمَامَةُ بِمَعْنَى الْخِلَافَةِ فَإِنْ قِيلَ قَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ فَيَلْزَمُ تَقْدِيمُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِمَامَةِ قُلْت قَرَّرَ فِيهِ أَيْضًا تَخْصِيصَ الْعَامِّ بِالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ إذْ لَفْظُ قَوْمٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute