الْعُمُومُ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا ثُمَّ إنَّهُ لِهَذَا عَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْإِمَامَةِ فِي مَرَضِهِ فَلَمَّا أَمَّ عُمَرُ وَصَلَّى بِالنَّاسِ أَعَادُوا صَلَاتَهُمْ بِإِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّهُ «لَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَاهُ بِلَالٌ إلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ غَائِبٌ وَعُمَرُ فِي النَّاسِ فَقُلْت يَا عُمَرُ قُمْ فَصَلِّ بِالنَّاسِ فَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَوْتَهُ قَالَ فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، فَبَعَثَ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى بِهِمْ عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ» وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ «حِينَ سَمِعَ صَوْتَ عُمَرَ خَرَجَ حَتَّى أَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ حُجْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَا لَا لَا لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ يَقُولُ ذَلِكَ مُغْضَبًا» .
وَفِي بَحْرِ الْكَلَامِ فِي بَحْثِ الْخِلَافَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ الْمُشَاوَرَةِ ظَنَنْت أَنَّ عَلِيًّا يَصْلُحُ لِذَلِكَ فَأَرَدْت أَنْ أُتَابِعَ فَقَامَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَسَلَّ سَيْفَهُ وَقَالَ قُمْ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ: فَمَنْ ذَا الَّذِي يُؤَخِّرُك عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ خَلِيفَةً وَلَمْ يَأْمُرْنِي، وَقَالَ مُرْ أَبَا بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ رَضِينَا لِأَمْرِ دُنْيَانَا مَا رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَمْرِ دِينِنَا.
(وَخَرَّجَ ت عَنْهَا أَيْضًا) عَائِشَةُ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا) لَهُ سِيَادَةٌ عَلَيْنَا (وَخَيْرُنَا) أَكْثَرُ خَيْرًا مِنَّا (وَأَحَبُّنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تَعَلَّقَ الظَّرْفُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ عَلَى التَّنَازُعِ مَعَ نِسْبِيَّةِ الثَّانِي وَجْهُ الْخَيْرِيَّةِ وَتَفَاصِيلُ الْأَحْبِيَةِ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ عُمَرَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَبَكَى، وَقَالَ وَدِدْت أَنَّ عَمَلِي كُلَّهُ مِثْلُ عَمَلِهِ يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِهِ وَلَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ لَيَالِيهِ يُرِيدُ لَيْلَةَ الْغَارِ.
وَأَمَّا الْيَوْمُ فَمَا تَقَدَّمَ حِينَ ارْتِدَادِ الْعَرَبِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّ الِاحْتِجَاجَ بِنَحْوِ قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ لَا سِيَّمَا عِنْدَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ يَكُونُ إجْمَاعًا أَوْ أَنَّهُ كَتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَتَعْدِيلِهَا.
(وَخَرَّجَ ت عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَا خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ بَعْدَ انْتِقَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَبَعْدَ إخْوَانِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا يُتَوَهَّمُ تَفْضِيلُهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الِاحْتِجَاجِ عَلَى فَضْلِ الصَّحَابَةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا بِالْأَحَادِيثِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ أَرَادَ أَنْ يَحْتَجَّ بِأَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فَقَالَ.
(وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ) (قَالَ) قَائِلٌ (عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَمْ يَكُونُوا أَصْحَابًا) (لَا يَكْفُرُ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute