للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَمَا وَجَبَ عِلْمُهُ مِمَّا سَبَقَ) فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ مِنْ الْفُرُوضِ عَيْنًا وَكِفَايَةً (حَرُمَ جَهْلُهُ) وَمَا وَجَبَ عِلْمُهُ كِفَايَةً حَرُمَ جَهْلُ النَّاسِ أَجْمَعَ بِهِ (وَمَا لَا) يَجِبُ عِلْمُهُ (فَلَا) يَحْرُمُ جَهْلُهُ، وَلَكِنْ يَفُوتُ بِهِ مِنْ الْكَمَالِ حَسَبِ مَرْتَبَةِ عِلْمِهِ وَقَدْ عَرَفْت مَرَاتِبَ الْعِلْمِ فِيمَا سَبَقَ (وَعِلَاجُهُ) أَيْ مُدَاوَاةُ الْجَهْلِ الْبَسِيطِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ التَّعَلُّمُ (بَعْدَ مَعْرِفَةِ غَوَائِلِهِ) إلَى الْكُفْرِ وَإِلَى الْأَضَلِّيَّةِ مِنْ الْأَنْعَامِ (وَفَوَائِدُ الْعِلْمِ مِمَّا سَبَقَ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ) مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَالْأَقْوَالِ (التَّعَلُّمُ) فَإِنَّهُ دَوَاءٌ مُجَرَّبٌ وَمُنْحَصِرٌ إلَيْهِ.

(وَقَدْ يَحْصُلُ) لِلْإِنْسَانِ (بِسَبَبِ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ جَهْلٌ يُسَمَّى حَيْرَةً) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ حَارَ فِي أَمْرِهِ يَحَارُ حَيْرًا وَحَيْرَةً فَهُوَ حَيْرَانُ إذَا لَمْ يَقِفْ عَلَى الصَّوَابِ فِيهِ (وَ) يُسَمَّى (شَكًّا وَتَرَدُّدًا وَتَوَقُّفًا فَعِلَاجُهُ مُمَارَسَةٌ) مُدَاخَلَةٌ وَمُدَانَاةٌ (الْقَوَانِينِ) الضَّوَابِطِ الْكُلِّيَّةِ (الْعَقْلِيَّةِ كَالْمَنْطِقِ) فَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا عَرَفْت مِنْ الْمُصَنِّفِ مِنْ كَوْنِهِ وُجُوبًا عَلَى الْكِفَايَةِ لَكِنْ يَقْتَضِي ذَلِكَ كَوْنُهُ عَيْنًا تَأَمَّلْ (وَغَيْرِهِ) قِيلَ مِنْ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ كَالْمَعَانِي وَالْأُصُولِ وَالْجَدَلِ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ مِنْ الْكَلَامِ وَالْحِكْمَةِ الْيُونَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ قَدْ يُبَاحُ لِعَارِضٍ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الْغَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمُطْلَقِ الْمَادَّةِ أَيُّ عِلْمٍ كَانَ إذْ الْمَنْطِقُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصُّورَةِ (حَتَّى) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُمَارَسَةِ (يَطَّلِعُ) ذَلِكَ الْجَاهِلُ الْمُتَحَيِّرُ (عَلَى شَرْطٍ أَهْمَلَهُ) مِنْ شَرَائِطِ النَّظَرِ الصَّحِيحِ مَادَّةً أَوْ صُورَةً (أَوْ اعْتَبَرَهُ) فِي الدَّلِيلِ (وَ) هُوَ فِي نَفْسِهِ (لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا فِي أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَطَّلِعُ أَيْ الْمُتَعَارِضَيْنِ (فَيَزُولُ التَّعَارُضُ) بِالْإِطْلَاعِ عَلَى ذَلِكَ (فَالْحَيْرَةُ وَتَعَارُضُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ) كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا.

وَأَمَّا تَعَارُضُ الْقِيَاسَيْنِ فَيَعْمَلُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الْقَلْبُ فَلَا يُتَصَوَّرُ النَّسْخُ وَلَا سُقُوطُهُمَا خِلَافًا لِمَنْ غَلِطَ (قَدْ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنْ لَا يَعْلَمَ التَّارِيخَ) أَيْ تَارِيخَ نُزُولِ الْآيَتَيْنِ أَوْ وُرُودَ الْحَدِيثَيْنِ أَوْ تَارِيخَ آيَةٍ وَحَدِيثٍ إذْ لَوْ عَلِمَ لَحَمَلَ عَلَى نَسْخِ الْمُتَأَخِّرِ مُقَدَّمَهُ إذْ حَقِيقَةُ التَّعَارُضِ لَا تُمْكِنُ مِنْ الشَّارِعِ لِاسْتِلْزَامِهِ الْعَبَثَ (وَامْتَنَعَ التَّرْجِيحُ بِالْأَسْبَابِ الْمُرَجِّحَةِ فَيُوجِبُ الشَّكَّ وَالتَّوَقُّفَ) هَذَا صَرِيحٌ فِي لُزُومِ التَّوَقُّفِ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّارِيخِ وَالتَّرْجِيحِ وَقَدْ قُرِّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّارِيخِ يُطْلَبُ الْمُخَلِّصُ بِالْجَمْعِ وَالتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ مِنْ الْحُكْمِ أَوْ الزَّمَانِ أَوْ الْمَحَلِّ لَعَلَّ حَاصِلَهُ رَاجِعٌ إلَى إثْبَاتِ الْمَعَانِي مُغَايِرَةً وَحِدَاتِهَا الْمَذْكُورَةَ فِي عِلْمِ الْمِيزَانِ فِي شَرْطِ التَّنَاقُضِ

وَقُرِّرَ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْجَمْعَ فَيُتْرَكُ الدَّلِيلَانِ وَيُصَارُ مِنْ الْكِتَابِ إلَى السُّنَّةِ فَمِنْهَا إلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَمِنْهَا إلَى الْقِيَاسِ أَوْ إلَى مَا شَهِدَ بِهِ الْقَلْبُ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ فَيُقَرَّرُ الْأَصْلُ عِنْدَ عَدَمِ الدَّلِيلَيْنِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعُدَّ تَعَارُضَ مَا أَمْكَنَ فِيهِ الْجَمْعُ وَالْمَصِيرُ فَتَأَمَّلْ وَأَيْضًا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ انْحِصَارُ مَعْرِفَةِ النَّسْخِ عَلَى مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَقَدْ قُرِّرَ فِي الْأُصُولِ أَيْضًا أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّارِيخِ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُحَرِّمٌ وَالْآخَرَ مُبِيحٌ فَالْمُحَرِّمُ نَاسِخُ دَلَالَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ أَوْ أَحَدُهُمَا مُثْبِتٌ لِأَمْرٍ عَارِضٍ وَالْآخَرُ نَافِيًا فَالنَّافِي نَاسِخٌ عِنْدَ بَعْضٍ وَمُتَعَارِضَانِ عِنْدَ آخَرَ فَالْجَوَابُ الْجَوَابُ وَأَيْضًا يُمْكِنُ إدْرَاجُهَا فِي الْأَسْبَابِ الْمُرَجَّحَةِ وَلَوْ مَجَازًا عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا عَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَ بَعْضَ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ الَّتِي خَلَتْ عَنْهَا مَشَاهِيرُ الْكُتُبِ مَعَ كَثْرَةِ الدَّوَاعِي إلَيْهَا، وَهُوَ رُجْحَانُ الْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَعَلَى النَّدْبِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْوُجُوبِ عَلَى النَّدْبِ وَالدَّارِئِ لِلْحَدِّ عَلَى الْمُوجِبِ لَهُ وَالْمُوجِبِ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ عَلَى عَدَمِهِمَا وَالْأَخَفِّ عَلَى الْأَثْقَلِ لِلْيُسْرِ وَنَفْيِ الْحَرَجِ وَتُرَجَّحُ الْحَقِيقَةُ عَلَى الْمَجَازِ وَالْأَشْهَرُ، وَلَوْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>