للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَسَنُ عَنْ الرِّيَاءِ أَهُوَ شِرْكٌ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَقْرَأُ - {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠]- وَقَالَ الْعَارِفُ الْجُنَيْدُ: الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ مَالِكٌ وَاَلَّذِي يَمْلِكُهُ هَوَاهُ مَمْلُوكٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ عَلَى قَلْبِهِ رَبُّهُ فَإِنَّمَا يَعْبُدُ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ وَفِي الْإِسْرَائِيلِيَّات أَنَّ حَكِيمًا صَنَّفَ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ كِتَابًا فِي الْحِكْمَةِ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى نَبِيِّهِمْ قُلْ لَهُ: قَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ نِفَاقًا وَلَمْ تُرِدْنِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَقْبَلُ مِنْهُ شَيْئًا فَنَدِمَ وَتَرَكَ وَخَالَطَ الْعَامَّةَ وَتَوَاضَعَ فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ قُلْ لَهُ الْآنَ: قَدْ وَافَقْتَ رِضَايَ، انْتَهَى.

وَأَيْضًا حَدِيثُ «إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذَا جَاءَ الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدِّينِ» وَفِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ «، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ إنَّ هَذَا لَمْ يُرِدْنِي بِعَمَلِهِ فَاجْعَلُوهُ فِي سِجِّينٍ» (وَ) أَيْضًا (مِمَّنْ قَالَ بِكُفْرِهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ فِي تَنْبِيهِ الْغَافِلِينَ فَأَغْلَظَ فِيهِ) أَيْ شَدَّدَ فِي هَذَا الرِّيَاءِ (حَيْثُ جَعَلَهُ مُنَافِقًا تَامًّا) كَامِلًا {فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥] فِي نِفَاقِهِ (مَعَ آلِ فِرْعَوْنَ) الْمُرَادُ إمَّا نَفْسُهُ أَوْ دَاخِلٌ هُوَ فِيهِ لَا كَمَا وَهِمَ بَعْضٌ مِنْ أَنَّ نَفْسَ فِرْعَوْنَ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ (وَهَامَانُ) وَزِيرُ فِرْعَوْنَ وَهُوَ فِرْعَوْنُ مُوسَى، فِي الْمُنَاوِيِّ عَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: وَالْفَرَاعِنَةُ ثَلَاثَةٌ فِرْعَوْنُ الْخَلِيلِ وَاسْمُهُ سِنَانٌ وَفِرْعَوْنُ يُوسُفَ وَاسْمُهُ الرَّيَّانُ وَفِرْعَوْنُ مُوسَى وَاسْمُهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُصْعَبٍ وَهَذَا فِي أَصْلِ الْعِبَادَةِ لِمَا ذَكَرُوا.

وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا يَكْفُرُ بَلْ لَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ كَمَا فِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى مَنْ تَرَكَ فَرْضًا تَهَاوُنًا كَفَرَ، بَعْدَ قَوْلِهِ: مَنْ سَجَدَ أَوْ صَلَّى رِيَاءً كَفَرَ فَإِنَّهُ إنْ تَرَكَ فَرْضًا تَهَاوُنًا كَفَرَ.

(وَكَوْنُ غَرَضِهِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي لَا يُفِيدُ أَيْ غَرَضُ الْمُرَائِي (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرِّيَاءِ (الطَّاعَةَ كَصِيَانَةِ النَّاسِ عَنْ الْغِيبَةِ) فِي الرِّيَاءِ بِتَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَلَأِ وَبِعَدَمِ الصَّلَاةِ بِحُضُورِهِمْ (وَتَحْصِيلَ الْعِلْمِ النَّافِعِ) فِي رِيَاءِ الْمُتَعَلِّمِ فَإِنَّ الْمُتَعَلِّمَ يُرَائِي بِطَاعَتِهِ لِيَنَالَ عِنْدَ الْمُعَلِّمِ رُتْبَةً فَيَتَعَلَّمَ مِنْهُ عِلْمًا نَافِعًا (وَ) تَحْصِيلَ (بِرِّ الْوَالِدَيْنِ) بِطَاعَتِهِمَا وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا وَطَلَبِ رِضَاهُمَا فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ فَيَأْتِي الْعِبَادَةَ لِمُجَرَّدِ بِرِّهِمَا (وَ) تَحْصِيلَ (الْمَالِ عُدَّةً لِلْعِبَادَةِ وَقُوَّةً عَلَيْهَا وَتَفَرُّغًا لَهَا) مِنْ أَشْغَالِ الدُّنْيَا (وَدَفْعًا لِمَانِعِهَا) مِنْ طَلَبِ قِوَامِ الْبَدَنِ لِأَنَّ شَغْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>