الْمُقْتَضِيَةَ، بَلْ السَّبَبُ الدَّاعِي فِي الْجُمْلَةِ (وَ) سَبَبٌ (لَأَنْ يَرَى أَنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَّةً وَحَقًّا بِأَعْمَالِهِ الَّتِي هِيَ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِهِ وَعَطِيَّةٌ مِنْ عَطَايَاهُ تَعَالَى) أَنْعَمَ بِهَا عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُعْجَبِ بِذَلِكَ الْعَمَلِ فَالْفَضْلُ لَهُ تَعَالَى وَلَا حَقَّ لِلْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ (وَ) سَبَبٌ (يَدْعُو إلَى أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ) لِأَنَّ كُلَّ فِعْلِهَا حَسَنَاتٌ فِي اعْتِقَادِهَا وَأَنَّهُ مَيْلٌ إلَى قَاعِدَةِ الِاعْتِزَالِ فِي خَلْقِ الْأَعْمَالِ مِنْ عَدَمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ بِقُدْرَةِ الْعَبْدِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢]- (وَبِمَنْعِهِ مِنْ الِاسْتِفَادَةِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَعْلَى مِنْهُ فِي اعْتِقَادِهِ؛ وَلِذَا قِيلَ لَا يَنَالُ الْعِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلَا مُتَكَبِّرٌ وَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَيْفَ وَجَدْت الْعِلْمَ قَالَ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ تَمَلَّقْت كَالْكَلْبِ وَتَوَاضَعْت كَالسِّنَّوْرِ وَصَبَرْت كَالْحِمَارِ وَصِحْت كَالْغُرَابِ (وَالِاسْتِشَارَةِ) مَعَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ مَعَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا، بَلْ هِيَ مِيزَانُ الِاعْتِدَالِ (زَهَقَ) الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ (عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثَلَاثٌ» نَكِرَةٌ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ وَمِنْ ثَمَّةَ وَقَعَتْ مُبْتَدَأً أَيْ خِصَالٌ ثَلَاثٌ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ «مُهْلِكَاتٌ» أَيْ يُرْدِينَ فَاعِلَهُنَّ لِلْهَلَاكِ ( «شُحٌّ» بُخْلٌ «مُطَاعٌ» يُطِيعُهُ صَاحِبُهُ فِي مَنْعِ الْحُقُوقِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ يُقَالُ أَطَاعَهُ يُطِيعُهُ فَهُوَ مُطِيعٌ وَالِاسْمُ الطَّاعَةُ أَوْ يُطِيعُ هُوَ بُخْلَهُ فَلَا يُؤَدِّي حُقُوقَ الْحَقِّ وَالْخَلْقِ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: ١٩] وَفِي التَّقْيِيدِ تَنْبِيهٌ أَنَّ هَذَا الذَّمَّ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالِانْقِيَادِ دُونَ نَفْسِ الْبُخْلِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الرَّاغِبِ «وَهَوًى مُتَّبَعٌ» بِأَنْ يَتَّبِعَ كُلٌّ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ الْهَوَى أَوْ هُوَ يَتَّبِعُ هَوَاهُ فِي كُلِّ مَا أُمِرَ بِهِ «وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ» أَيْ تَحْسِينُ كُلِّ أَحَدٍ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ قَبِيحًا وَعَنْ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّهُ مُلَاحَظَتُهُ لَهُ بِعَيْنِ الْكَمَالِ مَعَ نِسْيَانِ مِنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِعْجَابِ وَجَدَ أَنَّ الشَّيْءَ حَسَنًا فَثَمَرَةُ الْعُجْبِ الْهَلَاكُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ قَارُونَ - {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: ٧٨]- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَخَسَفْنَا بِهِ} [القصص: ٨١] قَالَ الْغَزَالِيُّ أُمَّهَاتُ الْخَبَائِثِ الْمُهْلِكَةُ ثَلَاثٌ غَالِبَةٌ عَلَى مُتَفَقِّهَةِ الْعَصْرِ الْحَسَدُ وَالرِّيَاءُ وَالْعُجْبُ فَاجْتَهِدْ فِي تَطْهِيرِ قَلْبِك مِنْهَا فَإِنْ عَجَزْت عَنْهُ فَأَنْتَ فِي غَيْرِهِ أَعْجَزُ وَلَا تَظُنُّ أَنَّهُ يَسْلَمُ لَك بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ وَفِي قَلْبِك شَيْءٌ مِنْ الْحَسَدِ وَالرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ، وَثَمَرَةُ الْعُجْبِ أَنْ يَقُولَ أَنَا وَأَنَا كَمَا قَالَ إبْلِيسُ وَنَتِيجَتُهُ فِي الْمَجَالِسِ التَّقَدُّمُ وَالتَّرَفُّعُ وَطَلَبُ التَّصَدُّرِ وَفِي الْمُحَاوَرَةِ الِاسْتِنْكَافُ مِنْ أَنْ يُرَدَّ كَلَامُهُ وَذَلِكَ مُهْلِكٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْكِبَارِ مِمَّا يُشْعِرُ بِالْإِعْجَابِ نَحْوُ مَا تَحْتَ خَضْرَاءِ السَّمَاءِ مِثْلِي وَنَحْوُ أَسْرَجْت وَطُفْت فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَقُلْت هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيَّ أَحَدٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى نَحْوِ حَالِ السُّكْرِ كَمَا قِيلَ عَنْ الْعَوَارِفِ وَقَدْ سَمِعْت بَعْضَ تَفْصِيلِ الْحَدِيثِ فِي سَابِعِ آفَاتِ الْقَلْبِ وَمِنْ لَطَائِفِ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute