للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ (أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» قِيلَ هُنَا عَنْ التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ وَالرَّوْضَةِ. رُوِيَ أَنَّ إبْلِيسَ جَاءَ إلَى بَابِ فِرْعَوْنَ فَقَرَعَ الْبَابَ فَاسْتَأْذَنَ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ مَنْ هَذَا قَالَ إبْلِيسُ أَنَا أَمَا لَوْ كُنْت إلَهًا لَعَرَفْت مَنْ بِالْبَابِ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ اُدْخُلْ يَا مَلْعُونُ. ثُمَّ قَالَ أَتَعْرِفُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَرًّا مِنِّي وَمِنْك قَالَ إبْلِيسُ نَعَمْ الْحَاسِدُ إنَّ لِي صَدِيقًا أَجَابَنِي إلَى كُلِّ مَا دَعَوْته مِنْ الشَّرِّ فَقُلْت لَهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيَّ حَقُّك فَسَلْ مِنِّي الْحَاجَةَ، فَقَالَ لِجَارِي بَقَرَةٌ فَأَمِتْهَا فَقُلْت لَا قُوَّةَ لِي عَلَى ذَلِكَ أَتُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَك عَشْرَ بَقَرَاتٍ مَكَانَهَا، فَقَالَ لَا أُرِيدُ إلَّا هَلَاكَهَا فَعَلِمْت أَنَّ الْحَاسِدَ شَرٌّ مِنِّي وَمِنْك.

(وَالثَّانِي) مِنْ الْغَوَائِلِ الثَّمَانِيَةِ لِلْحَسَدِ (الْإِفْضَاءُ) التَّأْدِيَةُ (إلَى فِعْلِ الْمَعَاصِي إذْ لَا يَخْلُو الْحَاسِدُ عَنْ الْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ وَالسَّبِّ وَالشَّمَاتَةِ عَادَةً) (طب) الطَّبَرَانِيُّ (عَنْ ضَمْرَةَ بِفَتْحِ الضَّادِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَحَاسَدُوا» فَإِذَا تَحَاسَدُوا يَرْتَكِبُونَ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ مِنْ الْمَعَاصِي فَظَهَرَ إفْضَاءُ الْحَسَدِ إلَى الْمَعَاصِي لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ حُجَّةً لِلْمَطْلُوبِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ ابْتِدَاءً وَلَا يَخْفَى أَيْضًا أَنَّهُ رُبَّمَا تُوجَدُ الْمَعَاصِي فِي غَيْرِ التَّحَاسُدِ فَلَعَلَّ الْحَدِيثَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَكْثَرِ.

(وَالثَّالِثُ حِرْمَانُ الشَّفَاعَةِ) أَيْ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي تَأْيِيدِهِ لَا كَوْنُهُ مِنْ الشَّافِعِينَ كَمَا تُوُهِّمَ (طب) الطَّبَرَانِيُّ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ (عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَيْسَ مِنِّي» أَيْ مِنْ الْمُهْتَدِينَ بِهِدَايَتِي والمتشرعين بِشَرِيعَتِي وَالْجَارِينَ عَلَى مِنْهَاجِ سُنَّتِي «ذُو حَسَدٍ وَلَا نَمِيمَةٍ» أَيْ السَّعْيِ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَدِيثِ لِإِيقَاعِ فِتْنَةٍ أَوْ وَحْشَةٍ «وَلَا كَهَانَةٍ» أَيْ الْقَضَاءِ بِالْغَيْبِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ «وَلَا أَنَا مِنْهُ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨] الْآيَةُ» لَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَةَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى حِرْمَانِ الشَّفَاعَةِ لِلْحَاسِدِ إنَّمَا هِيَ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ لَيْسَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْهُ فَافْهَمْ. فَإِنْ قِيلَ إنَّ شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>