للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لَا تَمَسُّهَا النَّارُ أَبَدًا» إنْ لَمْ يَعْرِضْ مُنَافِيَهُ أَوْ مَا دَامَ عَلَى الْخَشْيَةِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ دُخُولِ النَّارِ وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَلِجُ النَّارَ مَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ» فَهُوَ فِي الْمَعْنَى تَعَلَّقَ بِالْمُحَالِ

(حب. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ) حَدِيثٌ قُدْسِيٌّ وَهُوَ مَا يَكُونُ لَفْظُهُ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَعْنَاهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقُرْآنُ مَا يَكُونُ مِنْ اللَّهِ لَفْظًا وَمَعْنَى وَالْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ مَا يَكُونُ مِنْ النَّبِيِّ لَفْظًا وَمَعْنَى وَفِي الْمَشَارِقِ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِالْإِلْهَامِ أَوْ الْمَنَامِ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِعِبَارَةٍ مِنْ نَفْسِهِ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَلَا أَمْنَيْنِ إذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا آمَنْته» بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلْته آمِنًا مِنْ الْعَذَابِ «يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِذَا أَمِنَنِي» بِالْقَصْرِ «فِي الدُّنْيَا» بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ وَالِانْكِبَابِ عَلَى الْمَعْصِيَاتِ «أَخَفْته» مِنْ الْإِخَافَةِ «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» كِنَايَةٌ عَنْ عِقَابِهِ فِيهَا لَعَلَّ هَذَا الْأَمْنَ شَامِلٌ لِمَا يَكُونُ كُفْرًا وَمَا دُونَهُ لَكِنْ احْتِجَاجُ الْمُصَنِّفُ بِمَا لَا يَكُونُ كُفْرًا فَمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا خَوْفُهُ أَشَدَّ كَانَ أَمْنُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدَّ وَبِالْعَكْسِ لِأَنَّ مَنْ أُعْطِيَ عِلْمَ الْيَقِينِ فِي الدُّنْيَا طَالَعَ الصِّرَاطَ وَأَهْوَالَهُ بِقَلْبِهِ فَذَاقَ مِنْ الْخَوْفِ وَرَكِبَ مِنْ الْأَهْوَالِ مَا لَا يُوصَفُ فَيَضَعُهُ عَنْهُ غَدًا وَلَا يُذِيقُهُ مَرَارَتَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا مِمَّا يَصْنَعُ اسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْ سُؤَالِهِ فِي الْقِيَامَةِ وَلَمْ يَجْمَعْ عَلَيْهِ حَيَاءَيْنِ كَمَا لَمْ يَجْمَعْ عَلَيْهِ خَوْفَيْنِ.

قَالَ الْعَارِفُونَ الْخَوْفُ خَوْفَانِ خَوْفُ عِقَابٍ وَخَوْفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>