لِلسَّجْعِ بَعْدَ حَذْفِ الْيَاءِ أُورِدَ هُنَا بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الِادِّخَارِ سَنَةً
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ لِمَنْ خَافَ مِنْ الْفَقْرِ فَمَنْعُ بِلَالٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ أَقُولُ تَصَوُّرُ مِثْلِهِ عَنْ نَحْوِهِ بَعِيدٌ بَلْ سُوءُ ظَنٍّ فَالْجَوَابُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ دَرَجَةِ الصِّدِّيقِينَ هَذَا لَكِنْ يَشْكُلُ بِأَنَّ ادِّخَارَ بِلَالٍ لَيْسَ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ بَلْ لِأَضْيَافِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ وَلَا تَخْشَ إلَخْ أَقُولُ لَعَلَّ الْمُرَادَ تَقْرِيرُ بِلَالٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الضِّيَافَةِ فَالْمُرَادُ مِنْ الْإِنْفَاقِ مَا يَشْمَلُ الضِّيَافَةَ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْفَيْضِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَرَدَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ حِينَ كَانَ الِادِّخَارُ مَمْنُوعًا وَالضِّيَافَةُ وَاجِبَةً ثُمَّ نُسِخَ، ثُمَّ فِي قَوْلِهِ ذِي الْعَرْشِ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَتَخَافُ مِنْ ذِي الْعَرْشِ الَّذِي يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَنْ لَا يُوَصِّلَ إلَيْك رِزْقَك الَّذِي تَكَفَّلَ وَوَعَدَ قَالَ سُفْيَانُ لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ سِلَاحٌ كَخَوْفِ الْفَقْرِ فَإِذَا قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ أَخَذَ بِالْبَاطِلِ وَمَنَعَ مِنْ الْحَقِّ وَتَكَلَّمَ بِالْهَوَى وَظَنَّ بِرَبِّهِ ظَنَّ سُوءٍ وَفِي تَخْرِيجِ الْحَاكِمِ عَنْ بِلَالٍ «يَا بِلَالُ الْقَ اللَّهَ تَعَالَى فَقِيرًا وَلَا تَلْقَهُ غَنِيًّا قَالَ إذَا رُزِقْت فَلَا تَمْنَعْ قَالَ وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ قَالَ هُوَ ذَاكَ وَإِلَّا فَالنَّارُ» ثُمَّ عَنْ الْعِرَاقِيِّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ وَعَنْ ابْنِ حَجَرٍ حَسَنٌ وَعَنْ الْهَيْتَمِيِّ لَهُ إسْنَادَانِ أَحَدُهُمَا حَسَنٌ وَالْآخَرُ فِيهِ قَيْسُ بْنُ رَبِيعٍ وَفِيهِ كَلَامٌ لَكِنْ فِي أَسَانِيدِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ فِيهِ كَلَامٌ (وَعِلَاجُهُ) أَيْ خَوْفِ الْفَقْرِ (الْقَلَعِيُّ إزَالَةُ أَسْبَابِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ خَوْفُ الْمَوْتِ أَوْ الْمَرَضِ مِنْ الْجُوعِ وَخَوْفُ فَوْتِ التَّنَعُّمِ الْمُعْتَادِ) عِنْدَ سَعَةِ الدُّنْيَا (وَحُصُولِ الْقَلِقِ) الِاضْطِرَابِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفَوْتِ فَيَمْتَنِعُ عَنْ التَّفَرُّغِ لِلْأَعْمَالِ (وَخَوْفُ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْكَسْبِ) لِمَنْ قَدَرَ (أَوْ) إلَى (السُّؤَالِ) لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ مَثَلًا
(وَطَرِيقُ إزَالَتِهَا) أَيْ الْأَسْبَابِ (إجْمَالًا أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّا مَأْمُورُونَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى) كَمَا سَبَقَ فَهُوَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَخِلَافُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (وَ) طَرِيقُ إزَالَتِهَا (تَفْصِيلًا أَنَّ الْمَوْتَ مُتَيَقَّنٌ) مِنْ الْيَقِينِ (وَآتٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ) حَالَ الْغِنَى وَحَالَ الْفَقْرِ (إمَّا بَغْتَةً) فَجْأَةً قِيلَ أَكْثَرُ سَبَبِهِ شُيُوعُ الزِّنَا لَكِنْ لَا يُلَائِمُهُ أَنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْأَبْرَارِ وَعُقُوبَةٌ لِلْأَشْرَارِ (وَإِمَّا بِسَبَبٍ مُقَدَّرٍ) فِي الْأَزَلِ كَالْقَتْلِ وَأَنْوَاعِ الْأَمْرَاضِ (فَإِنْ قُدِّرَ) فِي الْأَزَلِ (كَوْنُهُ) أَيْ سَبَبِ مَوْتِهِ (جُوعًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ) لِأَنَّ إرَادَتَهُ تَعَالَى لَا تَتَخَلَّفُ عَنْ مُرَادِهِ وَأَنَّهُ لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ وَأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ (وَإِنْ كَانَ عِنْدَك مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا) لَكِنْ يَشْكُلُ بِالْأَجَلِ الْمُعَلَّقِ وَبِأَقْسَامِ الْكَسْبِ مِنْ الْفَرْضِ وَالْوُجُوبِ وَغَيْرِهِمَا فَتَأَمَّلْ (وَإِلَّا) وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ الْجُوعَ (فَلَا) تَمُوتَنَّ مِنْ الْجُوعِ (أَصْلًا) كُنْت غَنِيًّا أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَك حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ الْمَالِ لَكِنْ يَشْكُلُ بِتَرْتِيبِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْأَنْفُسِ وَالضَّمَانِ فِي إتْلَافِ الْحَيَوَانِ إذْ الْمُقَدَّرُ لَا يَزُولُ بَلْ يَقَعُ أَلْبَتَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ أَيْضًا (وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَوْتِ جُوعًا وَشِبَعًا) فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْخَلَاصُ مِنْ الْمَوْتِ سِيَّمَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (فَعَلَيْك الرِّضَا بِالْقَضَاءِ) وَلَا تَلْتَفِتْ إلَى الْفَقْرِ وَالْغِنَى فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute