للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَحْفَظْ لِسَانَك إنَّ اللِّسَانَ ... سَرِيعٌ إلَى الْمَرْءِ فِي قَتْلِهِ

وَإِنَّ اللِّسَانَ دَلِيلُ الْفُؤَا ... دِ يَدُلُّ الرَّجُلَ عَلَى عَقْلِهِ

وَقَالَ عُمَرُ لِلْأَحْنَفِ يَا أَحْنَفُ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَوْ وَلَدَ أَبُو سُفْيَانَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ كَانُوا عُقَلَاءَ فَقَالَ رَجُلٌ قَدْ وَلَدَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ فَكَانَ فِيهِمْ الْعَاقِلُ وَالْأَحْمَقُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ كَذَا فِي الْفَيْضِ (وَمُلَازَمَةِ الصَّمْتِ) فَإِنَّ مَنْ صَمَتَ نَجَا وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْلَمَ فَلْيَلْزَمْ الصَّمْتَ (إلَّا فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ) فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ (بَعْدَ التَّأَمُّلِ) إنْ فِيهِ نَجَاةٌ أَوْ هَلَاكٌ فَيَنْبَغِي لِكُلِّ مُتَكَلِّمٍ أَنْ يَتَأَمَّلَ فَيَتَكَلَّمَ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لِسَانُ الْمُؤْمِنِ وَرَاءَ قَلْبِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ تَدَبَّرَهُ بِقَلْبِهِ ثُمَّ أَمْضَاهُ بِلِسَانِهِ وَإِنَّ لِسَانَ الْمُنَافِقِ أَمَامَ قَلْبِهِ فَإِذَا هَمَّ بِشَيْءٍ أَمْضَاهُ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَتَدَبَّرْهُ بِقَلْبِهِ» قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِسَانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ فِي لِسَانِهِ (وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ) قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ كَثُرَ عَقْلُهُ قَلَّ كَلَامُهُ وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ قَلَّ عَقْلُهُ وَفِي الشِّرْعَةِ أَفْضَلُ خِصَالِ الْمُؤْمِنِ الصَّمْتُ وَأَنَّهُ إذَا قُسِمَتْ الْعَافِيَةُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ يَكُونُ عُشْرُهَا فِي النُّطْقِ وَالْبَاقِي فِي الصَّمْتِ

(ت. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ» إيمَانًا كَامِلًا «بِاَللَّهِ» تَعَالَى «وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا» يُثَابُ عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيمَا يُرِيدُ التَّكَلُّمَ بِهِ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ خَيْرٌ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ وَلَا يَجُرُّ إلَيْهَا أَتَى بِهِ «أَوْ لِيَصْمُتْ» عَمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ حَتَّى عَنْ الْمُبَاحِ لِإِفْضَائِهِ إلَى مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ وَلِأَنَّهُ ضَيَاعُ الْوَقْتِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ «وَمِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» وَأَفَادَ الْخَبَرُ أَنَّ قَوْلَ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْ الصَّمْتِ لِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ قَوْلِ الْخَيْرِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إنَّ آفَاتِ اللِّسَانِ أَسْرَعُ الْآفَاتِ لِلْإِنْسَانِ وَأَعْظَمُهَا فِي الْهَلَاكِ وَالْخُسْرَانِ فَالْأَصْلُ مُلَازَمَةُ الصَّمْتِ إلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَالْحُصُولُ عَلَى الْخَيْرَاتِ فَحِينَئِذٍ يُخْرِجُ تِلْكَ الْكَلِمَةَ مَخْطُومَةً وَمَذْمُومَةً وَهَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لِأَنَّ الْقَوْلَ كُلَّهُ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ أَوْ آيِلٌ إلَى أَحَدِهِمَا فَدَخَلَ فِي الْخَيْرِ كُلُّ مَطْلُوبٍ فَرْضًا أَوْ نَدْبًا أَوْ غَيْرَهُ فِي غَيْرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْعَظِيمَةِ الْعَمِيمَةِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ فِيهِ جَمِيعَ أَحْكَامَ اللِّسَانِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ الْجَوَارِحِ عَمَلًا كَذَا فِي الْفَيْضِ.

(ت. عَنْ ابْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ» يَعْنِي بِغَيْرِ مَا فِيهِ رِضَا اللَّهِ «فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ» ٩٨ أَظْهَرَ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ لِزِيَادَةِ التَّمَكُّنِ فِي الْخَاطِرِ وَتَنْبِيهًا عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ «قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ» بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِهِ لِلذِّكْرِ وَالْوَعْظِ وَالنُّصْحِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْحُزْنِ وَالشَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ «وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الْقَاسِي الْقَلْبِ» لِأَنَّ مَنْ كَانَ قَلْبُهُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ كَانَ بَعِيدًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا نَسْلَخُهُ عَنْ جَمِيعِ خِصَالِ الْخَيْرِ وَفَقْدِهَا مِنْ قَلْبِهِ فَيَكُونُ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقَلْبُ فَاعِلُ الْقَاسِي لِكَوْنِهِ صِلَةَ الـ

(طص) الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ (شَيْخُ) وَأَبُو الشَّيْخِ (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ عَلَيْك بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا جِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>