لِمَا فِيهِمْ مِنْ نَحْوِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالصِّبْيَانِ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ عَامٍّ خَصَّ مِنْهُ الْبَعْضَ (فَكَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْبَعْضُ وَهُوَ مَجْهُولٌ) فَلَا تَعْيِينَ وَلَا عِلْمَ لِلْمُخَاطَبِ فَدَلَّ عَلَى شَرْطِيَّةِ مَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِ لَعَلَّ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ الْغِيبَةُ بِوَصْفٍ يُوجِبُ التَّعْيِينَ مِنْهُمْ أَوْ إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى خُصُوصِهِمْ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ عِلَّةَ حُرْمَةِ الْغِيبَةِ هُوَ الْأَذَى وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَذَى حَاصِلٌ فِي اغْتِيَابِ مُطْلَقِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لِكُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَوْ لِأَجْلِ مَنْ اُغْتِيبَ لَهُ مِنْهُمْ (الرَّجُلُ إذَا كَانَ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَضُرُّ النَّاسَ بِالْيَدِ) كَالضَّرْبِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ (وَاللِّسَانِ) كَالشَّتْمِ وَالْبُهْتَانِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ (فَذُكِرَ بِمَا فِيهِ لَا يَكُونُ غِيبَةً) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَحُجِّيَّتُهُ فِي الْمَقَامِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى كَوْنِهِ لَا عَلَى وَجْهِ السَّبِّ وَحَمْلُ هَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِهَذَا بَعِيدٌ بَلْ الْمُتَبَادِرُ أَنَّ عَدَمَ كَوْنِهِ غِيبَةً لِكَوْنِهِ مُجَاهِرًا بِالْفِسْقِ وَلَا يَسْتَنْكِفُ مِنْ ذِكْرِهِ (وَإِنْ أَخْبَرَ السُّلْطَانَ أَوْ غَيْرَهُ) مَثَلًا (بِذَلِكَ لِيَزْجُرَهُ) عَنْ أَضْرَارِهِ (فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ) لَعَلَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِطَرِيقِ غَيْرِ السُّلْطَانِ فَلَا يَضْمَنُ بِمَا أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْجَرَائِمِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَهَلْ الْأَوْلَى الرَّفْعُ إلَيْهِ أَوْ لَا فَإِنْ مِمَّنْ يَزِيدُ أَذَاهُ عِنْدَ الْإِهْمَالِ نَعَمْ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِكَوْنِ السُّلْطَانِ قَادِرًا وَغَيْرَ مُهْمِلٍ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ زِيَادَةُ غَيْظٍ قَالَ قَاضِي خَانْ أَيْضًا رَجُلٌ عَلِمَ أَنَّ فُلَانًا يَتَعَاطَى مِنْ الْمُنْكَرِ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى أَبِيهِ بِذَلِكَ قَالُوا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ إلَى أَبِيهِ يَمْنَعُهُ الْأَبُ مِنْ ذَلِكَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ وَإِلَّا فَلَا يَكْتُبُ كَيْ لَا تَقَعَ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَوْ بَيْنَ السُّلْطَانِ وَالرَّعِيَّةِ وَالْحَشَمِ إنَّمَا يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ انْتَهَى (رَجُلٌ ذَكَرَ مَسَاوِئَ أَخِيهِ عَلَى وَجْهِ الِاهْتِمَامِ) لَا عَلَى وَجْهِ السَّبِّ وَالْقَدَحِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الِاهْتِمَامِ
الْأَعْذَارُ الَّتِي تُرَخَّصُ بِهَا الْغِيبَةُ كَمَا يُشِيرُ الْمُصَنِّف وَهِيَ سِتَّةٌ أَوَّلُهَا التَّظَلُّمُ ثَانِيهَا الِاسْتِغَاثَةُ لِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَالرَّدِّ إلَى مَنْهَجِ الْحَقِّ ثَالِثُهَا الِاسْتِفْتَاءُ رَابِعُهَا تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّهِ خَامِسُهَا كَوْنُ اسْمِهِ مُؤْذِيًا كَالْأَعْرَجِ وَالْأَعْمَشِ إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ سَادِسُهَا الْمُجَاهِرُ بِالْفِسْقِ (لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غِيبَةً) لِضَرُورَةٍ مُبِيحَةٍ (إنَّمَا الْغِيبَةُ أَنْ يَذْكُرَ) مَسَاوِئَ أَخِيهِ (عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ يُرِيدُ بِهِ السَّبَّ انْتَهَى وَهَكَذَا) ذَكَرَ (فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا فَذِكْرُ الْعَيْبِ لِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ أَوْ لِلِاسْتِفْتَاءِ) طَلَبُ الْفَتْوَى مِنْ الْمُفْتِي (أَوْ لِلتَّحْذِيرِ) أَيْ تَحْذِيرِ الْغَيْرِ (مِنْ شَرِّهِ أَوْ التَّعْرِيفِ كَالْأَعْرَجِ وَنَحْوِهَا) قِيلَ كَذِكْرِ عَيْبِ مَبِيعٍ يَكْتُمُ عَيْبَهُ وَذِكْرِ عَيْبِ امْرَأَةٍ يُرَادُ نِكَاحُهَا وَلَا يَعْلَمُ عَيْبَهَا فَإِنَّهُ مِنْ النُّصْح الْوَاجِبِ وَتَفْرِيعُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا مَعَانِيَ لِلِاهْتِمَامِ وَكَوْنِهَا مَعْنًى لِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْحَصْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّمَا الْغِيبَةُ إلَخْ (لَيْسَ بِغِيبَةٍ وَكَذَا) لَا يَكُونُ غِيبَةً (إنْ كَانَ مُجَاهِرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute