للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ إنَّكَ أَنْتَ الْمُسْتَعَانُ يَا كَرِيمُ يَا مَنَّانُ وَتَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْعَامِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ كَمَا فِي الْمِفْتَاحِ.

قَالَ فِي النِّصَابِ إنَّ زَاهِدًا كَسَرَ مَلَاهِيَ مَرْوَانَ الْخَلِيفَةِ فَأَمَرَ بِإِلْقَائِهِ بَيْنَ الْأُسُودِ فَلَمَّا أُلْقِيَ وَدَخَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ افْتَتَحَ بِالصَّلَاةِ فَجَمَعَتْ عَلَيْهِ أُسُودُ الْبَيْتِ تَلْحَسُهُ بِأَلْسِنَتِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ مَرْوَانُ قَالَ مَا فُعِلَ بِزَاهِدِنَا فَوَجَدُوهُ قَدْ اسْتَأْنَسَ بِالْأُسُودِ فَحَمَلُوهُ إلَى الْخَلِيفَةِ فَقَالَ أَلَمْ تَخَفْ مِنْهُمْ قَالَ لَا لِأَنِّي كُنْت مَشْغُولًا بِأَنَّ الْأُسُودَ تَلْحَسُ ثِيَابِي فَهَلْ لُعَابُهَا طَاهِرٌ أَوْ لَا فَتَفَكُّرِي فِي هَذَا مَنَعَنِي عَنْ الْخَوْفِ مِنْهَا فَتَعَجَّبَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ كَمَا سَبَقَ (د عَنْ) (أَبِي سَعِيدٍ) الْخُدْرِيِّ.

(- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الْجِهَادِ» أَيْ مِنْ أَفْضَلِ أَنْوَاعِ الْجِهَادِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْعَامِّ «كَلِمَةُ عَدْلٍ» وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «كَلِمَةُ حَقٍّ» فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ تَفْسِيرًا لِلْآخَرِ «عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» أَيْ ظَالِمٍ لِأَنَّ مُجَاهَدَةَ الْعَدُوِّ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ رَجَاءٍ وَخَوْفٍ وَصَاحِبُ السُّلْطَانِ إذَا أَمَرَهُ بِمَعْرُوفٍ تَعَرَّضَ لِلتَّلَفِ فَأَفْضَلُ مِنْ جِهَةِ خَوْفِ التَّلَفِ وَلِأَنَّ ظُلْمَ الظَّالِمِ يَسْرِي إلَى جَمٍّ غَفِيرٍ فَإِذَا كَفَّهُ فَقَدْ أَوْصَلَ النَّفْعَ إلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ بِخِلَافِ قَتْلِ كَافِرٍ.

«أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ» شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ قَالَ أَبُو عَبِيدَةُ الْجَرَّاحُ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجُلٌ قَامَ إلَى وَالٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُنْكَرِ قَتَلَهُ أَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ فَإِنَّ الْقَلَمَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ عَاشَ مَا عَاشَ» .

(تَتِمَّةٌ) أَصْلُ الْجِهَادِ الْمَشَقَّةُ وَشَرْعًا بَذْلُ الْمَشَقَّةِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ وَيُطْلَقُ عَلَى مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَعَلَى تَعَلُّمِ أُمُورِ الدِّينِ ثُمَّ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا ثُمَّ عَلَى تَعْلِيمِهَا وَأَمَّا مُجَاهَدَةُ الشَّيْطَانِ فَعَلَى دَفْعِ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ وَمَا يُزَيِّنُهُ مِنْ الشَّهَوَاتِ وَأَمَّا مُجَاهَدَةُ الْكُفَّارِ فَبِالْيَدِ وَالْمَالِ وَالْقَالَبِ وَالْقَلْبِ وَأَمَّا الْفُسَّاقُ فَبِالْيَدِ ثُمَّ اللِّسَانِ ثُمَّ الْقَلْبِ.

(فَائِدَةٌ) : الدَّمِيرِيُّ دَخَلَ النُّورُ الْبَكْرِيُّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الْجِهَادِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَنْتَ ظَالِمٌ فَأَمَرَ بِقَطْعِ لِسَانِهِ فَجَزِعَ وَاسْتَغَاثَ فَشَفَعَ لَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ فَنَفَاهُ ثُمَّ قِيلَ فِي سَنَدِ الْحَدِيثِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَضَعَّفُوهُ وَقِيلَ إسْنَادُهُ لَيِّنٌ لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ جَيِّدٌ الْكُلُّ مِنْ الْفَيْضِ.

(م عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إلَّا كَانَ لَهُ فِي أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ» حَوَارِيُّ الرَّجُلِ صَفْوَتُهُ وَخَاصَّتُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُلُوصِ نِيَّتِهِ وَصَفَاءِ عَقِيدَتِهِ مِنْ الْحَوَرِ وَهُوَ شِدَّةُ الْبَيَاضِ وَكَانَ أَصْحَابُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَصَّارِينَ فَغَلَبَ عَلَيْهِمْ الِاسْمُ وَصَارَ كَالْعَلَمِ لَهُمْ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِكُلِّ مَنْ يَنْصُرُ نَبِيًّا وَيَتَّبِعُ هَدْيَهُ حَقَّ اتِّبَاعِهِ تَشْبِيهَاتٌ بِأُولَئِكَ.

«وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إنَّهَا» أَيْ الْقِصَّةُ ( «يَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِ خُلُوفٌ» جَمْعُ خَلْفٍ بِالسُّكُونِ وَهُوَ الرَّدِيءُ مِنْ الْأَعْقَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>