للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسًا أَوْ كَامِلَةً قِيلَ عَنْ نَجْمِ الدِّينِ الْبَقْلِيِّ وَإِذَا شَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الدُّعَاءِ لَا يَجُوزُ لِلْقَوْمِ رَفْعُ الْأَيْدِي وَلَا التَّأْمِينُ بِاللِّسَانِ فَإِنْ فَعَلُوا أَثِمُوا وَقَالَ بَعْضٌ إسَاءَةٌ لَا إثْمٌ وَالصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ بِوُجُوبِ تَعْلِيمِ الْعُلَمَاءِ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَكَذَا التَّصْلِيَةُ جَهْرًا وَأَمَّا إخْفَاءً فَقِيلَ يَجِبُ وَقِيلَ لَا بَلْ بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَهُوَ اخْتِيَارُ النَّسَفِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَانْتَهَى مُلَخَّصًا (قَالَ قَاضِي خَانْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ إذَا قَالَ الْخَطِيبُ) فِي الْخُطْبَةِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ؛ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَفْسِهِ) أَيْ بِالْقَلْبِ كَمَا سَمِعْت آنِفًا عَنْ الْبَقَّالِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ فَيَنْدَفِعُ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَكُونُ خِفْيَةً

(وَ) جُمْهُورُ (مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالُوا بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلْ يَسْتَمِعُ وَيَسْكُتُ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ فَرْضٌ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ) قِيلَ لِأَنَّ التَّصْلِيَةَ فَرْضُ مَرَّةٍ فِي الْعُمُرِ وَالْبَوَاقِيَ سُنَنٌ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ وَلَا عَلَى الْفَوْرِ أَقُولُ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا ذَكَرَ اسْمَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا الْمُطْلَقِ وَمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْمُطْلَقِ وَإِنَّ الْوُجُوبَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْوُجُوبَ مِمَّا يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ بَعْدُ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الْأَصْلِ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ لِتَعَارُضِهِ بِوُجُوبٍ آخَرَ بَلْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِرُجْحَانِ مُعَارِضِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ هِيَ (تُمْكِنُ بَعْدَ هَذِهِ الْحَالَةِ) لِمَا عَرَفْت أَنَّهَا مِمَّا يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِالصَّلَاةِ بَعْدَ تَمَامِ الْخُطْبَةِ (انْتَهَى) فَالْإِجْمَاعُ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى جَوَازِ الْجَهْرِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا فِي الْإِخْفَاءِ فَقِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا (وَفِي التَّجْنِيسِ) لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ (رَجُلٌ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ رَدَّ عَلَيْهِ) سَلَامَهُ (فِي نَفْسِهِ وَكَذَا إذَا عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ وَاجِبٌ) أَيْ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مَا قِيلَ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَعْكِسْ لِقُوَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَلِكَوْنِ الْمَحَلِّ مَحَلَّ الْفَرْضِ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَوِيٌّ فِي مَحَلِّهِ وَمَقَامِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ الْوُجُوبُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ سُقُوطُ الضَّعِيفِ فِي جَنْبِ الْقَوِيِّ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَذَا عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهِ

(وَيُمْكِنُ إقَامَةُ هَذَا الْوَاجِبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخِلُّ بِالِاسْتِمَاعِ) بِأَنْ يُسِرَّ بِهِ (هَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالْأَصْوَبُ) أَيْ الْأَوْلَى (أَنْ لَا يُجِيبَ) أَصْلًا مُطْلَقًا لَا جَهْرًا وَلَا فِي نَفْسِهِ (لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْإِنْصَاتِ) الْمَأْمُورِ بِهِ إمَّا لِشُمُولِ الْإِنْصَاتِ لِمَا فِي الْقَلْبِ أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِنْصَاتِ الْإِصْغَاءُ لِمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَالِاتِّعَاظُ بِهِ وَشَغْلُ الْقَلْبِ بِغَيْرِهِ مَانِعٌ إذْ الِاسْتِمَاعُ بِلَا تَأَمُّلٍ وَتَفَكُّرٍ بَلْ بِلَهْوٍ وَذُهُولٍ وَغَفْلَةٍ لَيْسَ بِجَائِزٍ (وَبِهِ يُفْتَى) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَقَفَ عَلَيْهِ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا عِنْدَنَا مِنْ الْفَتَاوَى كَقَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى أَحَدٍ وَقْتَ الْخُطْبَةِ) أَمَّا حَالَ الْخُطْبَةِ فَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَوْ مُطْلَقُ مَا بَيْنَ الْخُرُوجِ وَالنُّزُولِ بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ عَلَى مَا يُنَاسِبُهُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (وَلَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ) مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَزَادَ فِي الْخُلَاصَةِ كُلُّ مَا حَرُمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَكَلَامٍ حَرُمَ فِي الْخُطْبَةِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ قِيلَ وَبِهِ جَزَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>