أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ حَلْقُ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْقَبْضَةِ فَيَجُوزُ قَصُّ الزَّائِدِ بَلْ مُسْتَحَبٌّ وَفِي الِاخْتِيَارِ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ طُولٌ فَاحِشٌ وَخِلَافُ زِينَةٍ وَفِي الصُّرَّةِ عَنْ النِّهَايَةِ وَاجِبٌ وَرُوِيَ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَعَرْضِهَا» وَعَنْ الْفَتَاوَى مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ لِحْيَتِهِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَقْطَعُ الزِّيَادَةَ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَعَنْ الْعَتَّابِيِّ لَا يَحْلِقُ شَعْرَ حَلْقِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي مُشْكِلَاتِ الْقُدُورِيِّ وَفِي التتارخانية عَنْ الْمُلْتَقَطِ لَا بَأْسَ بِجَزِّ الزَّائِدِ عَلَى الْقَبْضَةِ وَلَا بَأْسَ إذَا طَالَتْ لِحْيَتُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِهَا وَعَنْ الْمُضْمَرَاتِ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ الْجَانِبَيْنِ وَشَعْرِ وَجْهِهِ مَا لَمْ يُشْبِهْ الْمُخَنَّثَ
وَعَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ حَلْقُ عَانَتِهِ بِيَدِهِ وَحَلْقُ الْحَجَّامِ جَائِزٌ إذَا غَضَّ بَصَرَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ جَازَ لِلرَّجُلِ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبِ وَالْوَجْهِ
وَأَمَّا خِضَابُ اللِّحْيَةِ فَإِنْ بِالسَّوَادِ لَيْسَ بِجَائِزٍ لِوَعِيدٍ عَظِيمٍ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَخْتَضِبُونَ بِهَذَا السَّوَادِ لَا يَجِدُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هُوَ خِضَابُ أَهْلِ النَّارِ وَأَوَّلُ مَنْ اخْتَضَبَ بِهِ فِرْعَوْنُ وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ» وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَاقِلَ عَنْ الْغُرُورِ وَيَدْعُو إلَى دَارِ السُّرُورِ وَيَكْسِرُ الشَّهَوَاتِ وَيَمِيلُ إلَى الطَّاعَاتِ وَكُلُّ ذَلِكَ يُوجِبُ الثَّوَابَ الْمُفْضِيَ إلَى النُّورِ فِي التتارخانية إنَّ لِلْغُزَاةِ لِهَيْبَةِ الْعَدُوِّ فَمَحْمُودٌ وَإِنْ لِتَزْيِينِ نَفْسِهِ لِلنِّسَاءِ فَمَكْرُوهٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي يُعْجِبُهَا أَنْ أَتَزَيَّنَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الْخِضَابُ بِالْحُمْرَةِ فَفِي التتارخانية سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَأَنَّهُ مِنْ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ وَعَلَامَاتِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَحَادِيثُ نَحْوُ أَنَّ «الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ» وَنَحْوُ «اخْتَضِبُوا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ» بِالنِّسْبَةِ إلَى الطَّبْعِ السَّلِيمِ أَوْ بِمَعْنَى الْفَاضِلِ «يُسَكِّنُ الرَّوْعَ» أَيْ الْفَزَعَ لِخَاصَّةٍ فِيهِ عَلِمَهَا الشَّارِعُ وَنَحْوُ اخْتَضَبُوا نَدْبًا بِالْحِنَّا فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي شَبَابِكُمْ وَجَمَالِكُمْ وَنِكَاحِكُمْ لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْأَعْضَاءَ وَالْأَعْصَابَ وَفِيهِ قَبْضٌ وَتَرْطِيبٌ وَلَوْنُهُ نَارِيٌّ مَحْبُوبٌ مُهَيِّجٌ لِلْمَحَبَّةِ وَفِي رِيحِهِ عِطْرِيَّةٌ مَعَ قَبْضٍ وَخَضْبُ الْمَرْأَةِ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَمِنْ التَّرْغِيبِ مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ مَرْفُوعًا «اخْتَضِبُوا فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ وَكُلَّ مَا ذَرَأَ وَبَرَأَ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي بِحَارِهَا وَالطَّيْرُ فِي أَوْكَارِهَا يُصَلُّونَ عَلَى صَاحِبِ الْخِضَابِ حَتَّى يَنْصُلَ خِضَابُهُ» وَنَحْوُ «اخْتَضِبُوا وَافْرُقُوا» أَيْ اجْعَلُوا شَعْرَ رُءُوسِكُمْ فِرْقَتَيْنِ عَنْ يَمِينٍ وَيَسَارٍ وَخَالَفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَضِبُونَ وَلَا يَفْرُقُونَ وَالْخِضَابُ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَنْظِيفُ الشَّعْرِ وَتَقْوِيَتُهُ وَتَحْسِينُهُ وَتَلْيِينُهُ وَشَدُّ الْأَعْضَاءِ وَجَلَاءُ الْبَصَرِ وَتَطْيِيبُ الرِّيحِ وَزِيَادَةُ الْجَمَالِ وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ الْكُلُّ مِنْ الْفَيْضِ وَأَمَّا السُّنَّةُ الْفِعْلِيَّةُ فَقِيلَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute