للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال [٥٣ أ] قيس بن الملوَّح (١):

أتاني هَواها قبلَ أنْ أعرِفَ الهوى ... فَصَادَفَ قلبًا خاليًا فتمكَّنًا

وقال بعضُهم (٢): لم أرَ حقًّا أشبه بباطلٍ، ولا باطلًا أشبَهَ بحقٍّ من العِشْق، هزلُه جِدٌّ، وجِدُّه هزلٌ، وَأَوَّلُه لَعِبٌ، وآخرُه عَطَبٌ.

وقال الجاحظ (٣): العِشْقُ اسمٌ لما فَضَل عن المحبَّة، كما أنَّ السَّرَف اسم لما جاوزَ الجود، والبُخلَ اسمٌ لِمَا جاوزَ الاقتصاد، فكلُّ عشقٍ يُسمَّى حبًّا، وليس كل حبٍّ يُسمَّى عِشْقًا، والمحبةُ جنسٌ، والعشقُ نوعٌ منها. ألا ترى أنَّ كلَّ محبَّةٍ شوقٌ، وليس كلُّ شوق محبةً؟

وقالت فرقةٌ أُخرى: العِشْقُ هو الاستهيام، والتضرُّع، واللَّوَذَانُ بالمعشوق. والوَجْدُ هو الحب الساكن. والهوى أن يهوى الشَّيء فيتبعه، غيًّا كان أو رشدًا، والحُبُّ حرفٌ ينتظم هذه الثلاثة. وقال المأمون ليحيى ابن أكثم (٤): ما العشقُ؟ فقال: سوانحُ تسنح للمرء، فيهيم بها قلبُه وتؤثرُها


(١) هو المجنون، انظر: «ديوانه» (ص ٢٨٢)، و «البيان والتبيين» (٢/ ٤٢)، و «الحيوان» (١/ ١٦٩، ٤/ ١٦٧). ونُسب لابن الطثرية في «الزهرة» (ص ٢١ - ٢٢)، و «وفيات الأعيان» (٦/ ٣٧٠).
(٢) هذا مروي عن بعض الفلاسفة، انظر: «مصارع العشاق» (١/ ١٢)، و «ذم الهوى» (ص ٢٩٠).
(٣) كما في «ذم الهوى» (ص ٢٩٥)، و «ربيع الأبرار» (٤/ ١٨)، و «المستطرف» (٣/ ٣٠).
(٤) رواه المعافى في «الجليس الصالح» (٣/ ١٤٢)، والسراج في «مصارع العشاق» (١/ ١١ - ١٢) وابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص ٢٩٠). وانظر: «التذكرة الحمدونية» (٦/ ١٦٢)، و «المستطرف» (٣/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>