للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سألتُ سعيدَ بن المسيَّب مفتيَ الـ ... ـمدينة هل في حبِّ دَهْمَاء منْ وِزْرِ؟

فقال سعيدُ بن المسيب إنَّما ... يُلامُ على ما يُسْتطاعُ من الأمر

قالوا: والعشقُ نوعٌ من العذاب، والعاقلُ لا يختارُ عذابَ نفسه، وفي هذا قال المؤَمَّل (١):

شَفَّ المُؤَمَّلَ يومَ الحِيرَة النظرُ ... ليتَ المؤمَّل لم يُخْلَق له بَصَرُ

يكفي المحبِّينَ في الدنيا عذابُهمُ ... والله لا عَذَّبتْهُمْ بعدَها سَقَرُ

فيقال: إنَّه عَمِيَ بعد هذا. وقال آخر: ليس الهوى إلى الرأْي فيَمْلِكَهُ، ولا إلى العقل فَيُدْرِكَهُ، ثم أنشد (٢):

ليس خَطْبُ الهوى بخطبٍ يسير ... لا يُنَبِّيْك عنه مثلُ خبيرِ

ليس أمرُ الهوى يُدَبَّر بالرأْ ... ي ولا بالقياس والتَّفكير

إنَّما الأمرُ في الهوى خطَرَاتٌ ... محْدِثَاتُ الأمورِ بعدَ الأمور

وقال القاضي أبو عمر محمَّد بن أحمد بن محمد بن سليمان النُّوقَاتي في كتابه «محنة الظرّاف»: العشاقُ معذورون علَى الأحوال؛ إذ العشقُ إنَّما


(١) ابن أُميل المحاربي، والشعر له في «الأغاني» (٢٢/ ٢٥١)، و «الزهرة» (١/ ١٣٤)، و «الحماسة البصرية» (٢/ ١١٦)، و «خزانة الأدب» (٣/ ٥٢٣)، و «ديوان الصبابة» (ص ٥١)، و «نكت الهميان» (ص ٢٩٩).
(٢) الشعر لعلية بنت المهدي في «أشعار أولاد الخلفاء» (ص ٦٥)، و «الأغاني» (١٠/ ١٨٥)، و «زهر الآداب» (٢/ ٧٢٥)، و «تزيين الأسواق» (١/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>