وقال عليُّ بن المبارك السَّراج (١): حدَّثنا أبو مسهر، عن ركين بن عبد الله قال: عرض الحجاجُ بن يوسف سجنه يومًا، فأُتي برجلٍ، فقال: ما كان جُرمك؟ فقال: أصلح الله الأمير! أخذني العسسُ وأنا مخبرُك خبري، فإن كان الكذبُ يُنجي؛ فالصدقُ أولى بالنَّجاة، قال: وما قصَّتُك؟ قال: كنت أخًا لفلان، فضرب الأمير عليه البعث إلى خراسان، فكانت امرأتُه تهواني، وأنا لا أشعر، فبعثتْ إليَّ ذات يوم رسولًا أنْ قد جاء كتابُ صاحبك، فهلمَّ؛ لتقرأه، فمضيتُ إليها، فجعلت تشغلُني بالحديث حتى صلَّينا المغرب، ثم أظهرت لي ما في نفسها منِّي، ودعتني إلى السُّوء، فأبيتُ ذلك، فقالت: والله لئن لمْ تفعل لأصيحنَّ، فلأقولنَّ: إنك لصٌّ، فخفتُها والله أيها الأمير على نفسي! فقلت: أمهلي حتَّى الليل، فلمَّا صلَّيتُ العتمة، وثِقْتُ بشدَّة حرس الأمير، فخرجتُ من عندها هاربًا، وكان القتلُ أيسرَ عليَّ من خيانة أخي، فلقيني عسسُ الأمير، [١٣٣ ب] فأخذوني، وقد قلتُ في ذلك شعرًا. قال: وما قلت؟ فقال:
ربَّ بيضاءَ آنسٍ ذاتِ دَلٍّ ... قد دعتني لوصلها فأبيتُ
لم يكن شأْني العفافُ ولكن ... كنتُ خِلًّا لزوجها فاسْتَحيْتُ