آليتُ لا تنفك عيني سخينةً ... عليك ولا ينفكُّ جلدي أغبرا
فلله عينا من رأى مثله فتًى ... أعفَّ وأمضى في الهياج وأصبرا
إذا شرعت فيه الأسنةُ خاضها ... إلى الموت حتَّى يترك الرمح أحمرا
فلما حلَّت تزوجها عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ وأولم عليها، فقال له عليُّ بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ: أتأذن لي يا أمير المؤمنين! أُدخلُ رأسي إلى عاتكة أكلمها؟ قال: نعم! فأدخل عليٌّ رأسه إليها، وقال: يا عُدَيَّة نفسها:
آليتُ لا تنفك عيني قريرةً ... عليك ولا ينفكُّ جلدي أصفرا
فبكت، فقال له عمر: ما دعاك إلى هذا يا أبا الحسن؟! كل النساء يفعلن هذا! فلما قُتل عمر؛ قالت ترثيه (١):
عين جودي بعبرةٍ ونحيب ... لا تملِّي على الجواد النجيب
فجعتني المنون بالفارس المُعـ ... ـلم يوم الهياج والتثْويب
قل لأهل الضراء والبؤس موتوا ... قد سقته المنون كأس شعوب
فلما حلَّت؛ تزوجها الزُّبير بن العوام، فاستأذنت ليلة أن تخرج إلى المسجد، فشق ذلك عليه، وكره أن يمنعها لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» فأذن لها، ثم انكمى في موضع مظلم من
(١) الأبيات في تاريخ المدينة لابن شبة (٣/ ٩٤٨)، وزهر الآداب (١/ ٣٦)، والحماسة البصرية (١/ ٢٠٣)، ومصادر تخريج الخبر.