للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خريطة البلقان.

وقد أصبح من المؤكد الآن أن مصير جمهورية البوسنة بمن فيها من المسلمين قد حسم لغير صالحهم وأن الصراع الراهن في البلقان يتجاوز مجرد الرغبة في اقتسام أراضي البوسنة والاستيلاء عليها من جانب الصرب أو الكروات وأن ثمة خلافًا عميق الجذور يقسم الدول الأوربية ويحمل بين جوانبه عوامل التنافس القديمة.

ويتضح الآن يومًا بعد يوم أن قرارات العقوبات الاقتصادية وحظر السلاح التي اتخذتها الأمم المتحدة ضد الصرب، وعمليات مراقبة السواحل والحدود، ليست غير إجراءات وهمية، وأن عمليات الإغاثة وإرسال الإمدادات وقبول اللاجئين والهاربين من المعارك الوحشية ليست غير مسكنات وقتية، وأن المساعدات التي تتلقاها القوات الصربية من بعض دول أوربية ما زالت تتدفق لمواجهة مساعدات مماثلة تتلقاها القوات الكرواتية والبوسنية من دول أوربية أخرى.

فالوقود والذخيرة والإمدادات العسكرية تتدفق على الصرب من رومانيا وبلغاريا واليونان والدبابات والطائرات تتدفق على الكروات من ألمانيا والنمسا والمجر .. ومعنى ذلك، أن الانشقاق الأوربي الذي ظهر منذ بادرت ألمانيا بمفردها إلى الاعتراف بسلوفينيا وكرواتيا، دون موافقة الجماعة الأوربية، يتخذ الآن أبعادًا تترجم على أرض المعارك الدائرة، في محاولة لتحديد التوازنات الأوربية الجديدة مع ألمانيا وضدها.

وإذن: هل الصراع القومي والمذابح الدامية ضد المسلمين في هذه البلاد مجرد مظهر خارجي لصراع أوربي دفين له جذوره التاريخية وحساباته الأوربية؟

وهل هذا هو السبب في عدم تدخل أمريكا؟