تعالى. فأجابه الحسن أنهم أعداء الله، وأنهم لمفترون. وهكذا نشأ -على الرغم من معارضة علماء الدين في الإسلام معارضة صريحة- القول بالقدر (١).
[* مناقشة رأيه هذا في القدر:]
يبدو أن إقبالاً قد حاول في تفسيره للقضاء والقدر أن يوفق بين طرفي الجبر والاختيار. فبكونه مسلمًا مؤمنًا بالله تعالى وبقدره، لم يستطع أن ينكر قدر الله وقضاءه إطلاقًا، ولكنه حين رأى أن القول بقدر الله والاتكاء عليه، قد دفع المسلمين خلال القرون الأخيرة، إلى ترك العمل والكفاح في حياتهم، وإلى الفشل في مقاومة التحديات التي واجهت العالم الإسلامي منذ قرون عديدة، ورأى كيف أن المستعمرين المستبدين استغلوا هذه النزعة وكيف انتهزوا هذه الفرصة لنهب الشعوب المتمسكة بهذا المبدأ، حاول أن يفسر عقيدة القضاء والقدر تفسيرًا يستطيع أن يوفق به بين الاعتقاد بقضاء الله تعالى، وبين كون الإنسان حرًا مختارًا في فكره وعمله، فرأى أن عملية تقدير الله تعالى لا تقوم بالأشياء والنفوس من خارجها، بل تأتي من داخل إمكانياتها، ولكنه في تفسيره ذلك، قد يندفع أحيانًا إلى القول: بكون واجب الوجود تعالى موجبًا في إرادته وأعماله، كما يزعم الفلاسفة، وأحيانًا إلى القول: بعدم وجود قضاء سابق من عند الله تعالى، قال:
"لا شك في أن ظهور ذوات لها القدرة على الفعل التلقائي، ومن ثم يكون فعلها غير متنبأ به، يتضمن تحديدًا لحرية الذات المحيطة بكل شيء.
ولكن هذا التحديد لم يفرض على الذات الأولى من خارج، بل نشأ
(١) "تجديد الفكر الديني في الإسلام" (ص ١٢٥ - ١٢٧)، "محمد إقبال، مفكرًا اسلاميًّا" لمحمد الكتاني (ص ٨٣ - ٨٤).