والإمام أحمد لا يخفى مكانته في السنة. فإذا قال في أحاديث التفسير "لم يصح منها شيء" كان ما روي فيها مشكوكًا بصحته إن لم يحكم عليه بالوضع، أليست هذه نتيجة منطقية لكلام الأستاذ.
[* الصحيح صحيح دون شك:]
أما أحاديث التفسير، فلا يخفى على من طالع كتب السنة أنها أثبتت شيئًا. كثيرًا منها بطرق صحيحة لا غبار عليها، وما من كتاب في السنة إلا وقد أفرد فيه مؤلفه بابًا خاصًا لما ورد في التفسير عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة -رضي الله عنه - أو التابعين.
وقد اشترط علماء التفسير على أن ما يفسر كتاب الله عز وجل أن يعتمد فيه على ما نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
وقد جعلوا التفسير بين منقول وغير منقول، وأوجبوا على المفسر أن يرجع إلى الأول ويعرفه لو لم يصح منه شيء، بل لو لم يصح منه شيء كثير، لما فعلوا ذلك.
أما ما نقله عن الإمام أحمد، فهو يشير بذلك إلى ما روي عنه من قوله:"ثلاثة ليس لها أصل: التفسير والملاحم والمغازي" والكلام في هذه العبارة من وجوه:
أولاً: أن في النفس من صحتها شيئًا، فإن الإمام أحمد نفسه قد ذكر في "مسنده" أحاديث كثيرة في التفسير، فكيف يعقل أن يخرج هذه الأحاديث، ويثبتها عن خيرة شيوخه في "مسنده" .. ثم يحكم بأنه لم يصح في التفسير شيء؟!
وأيضًا فمقتضى هذا العبارة: أن يكون كل ما روي عن أخبار العرب، ومغازي المسلمين مكذوبًا من أصله، وليس هناك من يقول بهذا.