للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[* كذب هيكل:]

انظر إلى ركام العفن والزيف والجرأة على الحق وعلى مصادر التاريخ الصحيح، وقدرة هيكل على قلب الأوضاع ومسخ التاريخ وتبرئة المذنب، واتهام البريء، نقرأ لمحمد هيكل في كتابه "عبد الناصر والعالم":

"وذات يوم كان عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة يبحثون مسألة بناء برج لاسلكي للاتصالات العالمية التي تقوم بها وزارة الخارجية وإدارة المخابرات، وقيل لعبد الناصر: إنه قد تم شراء بعض المعدات، ولما احتج أنه ليست هناك أموال مرصودة في الميزانية قيل له: إن المال جاء من اعتماد أمريكي خاص، ودهش عبد الناصر إذ كانت هذه أول مرة يسمع فيها بوجود أي اعتماد خاص، وقيل له: إن وكالة المخابرات المركزية وضعت تحت تصرف اللواء محمد نجيب ثلاثة ملايين دولار، وكان المبلغ قد تم تسليمه بواسطة عميل أمريكي في حقيبة ضخمة عبئت بقطع نقدية من فئة المائة دولار، واستشاط عبد الناصر غضبًا عندما سمع ذلك وتوجه بالسيارة فورًا إلى مجلس الوزراء وطلب تفسيرًا من محمد نجيب". (١)

ينسج هيكل من خياله هذه القصة المختلقة .. وفوجئ هيكل بمحمد نجيب يرفع عليه قضية، وكان ظن هيكل أن خبطات جمال لنجيب قد حوّلته إلى تمثال لا يقرأ ولا يسمع، وحين بلغه خبر القضية وانكشف زيفه اعتذر وتراجع بأسلوب مترنح لا يعرف صراحة أهل الحق حين يبصرون بباطلهم فإذا هم مبصرون .. وتنازل الرجل الطيب عن القضية وعن التعويض بعد أن استبان الحق، وعرف الجميع أن نجيبًا لو كان هو الرجل الذي يقبل هدايا الأمريكان لأعانوه على جمال ولاختلف الوضع، تنازل نجيب، وما كان


(١) المصدر السابق (ص ١٥٠).