إن "عرفة"، و"حنش" وعواطف هم "الوحيدون" في الرواية الذين رفعهم المؤلف "مكانًا عليًا"، وصانهم من كل ألوان النقص والهمز واللمز أو التجريح، وهذا يلائم الجو العام لـ .. وجدانيات المؤلف، "وجوانياته"؟!.
القسم الثاني - عرفة:
أما القسم الثاني، فهو معقود -أساسًا- لعمليتي هدم وبناء، أو "إعدام" و"إحياء"، وكانت نيةُ "أولاد حارتنا" مُبيتة على هذا من قبل أن "يُخَط" حرف واحد فيها؛ فالنية -عادة وواقعًا- تسبق العمل دائمًا، وتكون "هي" الباعث على العمل، والداعية إلى الهدم أو الإعدام لـ "الدين" الذي جاء به الرُّسُل وحيًا يوحى من عند ربهم؟! والإحياء لـ "العلم الحديث" ممثلاً فيما يُدرَك بالحواس الخمس، وتُجرى عليه التجارب والملاحظات والمشاهدات، ثم تستخرجُ قوانينه الكلية، وقواعده الجزئية المستوحاة من المادة المدروسة. وكان كل شيء في الرواية يخدم هذا الاتجاه، ويمهد له من وراء ستار، ولكن كيف تمت عمليتا الهدم والبناء، أو الإعدام والإحياء؟ هذا تساؤل مهم للغاية.
- أما الإجابة عليه فنصورها في الآتي:
جيء بـ "عرفة" رمز العلم الحديث، ونائبه "حنش"، ثم وُضِع بإزائهما التاريخ الديني النبوي، ممثلاً في الجبلاوي، وأدهم، وجبل، ورفاعة، ثم قاسم. وبدأت العمليتان معًا:
ضربة بالمعول في صرح التاريخ الديني النبوي، ثم وضع لبنة في صرح العلم الحديث. وتعددت ضربات المعول في الهدم، وتعددت كذلك عملية البناء بوضع لبنة جديدة محكمة، وسار الفصل الخامس "عرفة" على هذا النظام: