للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمامها من إمكانيات.

"يجنح إقبال إلى تأويل حدوث البعث تأويلاً لا يخلو م مباينة لما عليه حقيقته في التصور الإسلامي، فهو يقول: "على أنه لا مفر للنفس من أن تكافح كفاحًا موصولاً حتى توفق إلى التماسك وإلى الفوز بالبعث" (١).

وعلى ذلك الأساس فالبعث ليس حادثًا يأتينا من الخارج، بل هو كمال لحركة الحياة داخل النفس كما يصرّح إقبال.

وتبدو مباينة وجهة نظر إقبال للتصور الإسلامي للبعث بوضوح في قوله: "وسواءً أكان البعث للفرد أم للكون فإنه لا يعدو أن يكون نوعًا من - جرد البضائع أو الإحصاء لما أسلفت النفس من عمل، وما بقي أمامها من إمكانات" (٢) ا. هـ (٣).

* الجنة والنار عند إِقبال حالتان لا مكانان:

أما الجنة والنار فهما حالتان، لا مكانان، ووصفهما في القرآن تصوير حسي لأمر نفساني أو لصفة أو حال. فالنار في تعبير القرآن: {نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة: ٦، ٧]، هي إدراك أليم لإخفاق الإنسان لوصفه إنسانًا. أما الجنة فهي سعادة الفوز على قوى الانحلال.

وليس في الإسلام لعنة أبدية. ولفظ الأبدية، الذي جاء في بعض الآيات وصفًا للنار، يفسره القرآن نفسه، بأنه حقبة من الزمان: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [النبأ: ٢٣]، والزمان لا يمكن أن يكون مقطوع النسبة إلى تطور الشخصية انقطاعًا تامًا. فالخلق ينزع إلى الاستدامة، وتكييفه من جديد يقتضي زمانًا.


(١) "تجديد الفكر الديني" (ص ١٣٨)
(٢) المصدر نفسه.
(٣) "محمد إقبال فكره الديني والفلسفي" (ص ٤٤٢).