للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التهمة هي أن المؤلف يتحدث عن "الله" الذي يؤمن به حديثًا لا يليق بجلاله ووحدانيته ومخالفته للحوادث.

[الشبهة الثانية:]

أما الشبهة الثانية التي استند إليها هؤلاء " المنكرون "، فهي ما أورده المؤلف على لسان إدريس (أي: إبليس) بعد أن طرده "الجبلاوي" (أي الله) من البيت الكبير - أي من الجنة:

"ما أهون الأبوَة عليك!! خُلِقْتَ جَبَّارًا فتوَة"!! (١).

وجه الاستدلال عندهم أن الجبلاوي -هنا- وُصِف بأنه مخلوق، والله ليس مخلوقًا.

هذا الدفاع مع صحته في نفسه فليس فيه دليل على أن " الجبلاوي " في الرواية ليس هو " الله "، وذلك لسببين:

الأول: ليس وصف " الجبلاوي " في الرواية بأنه مخلوق هو الوصف الوحيد الذي لا يليق بـ " الله "، فالجبلاوي في الرواية له صاحبة وولد، ويأكل ويشرب، ويرتاح وينام، ويتقدم به العمر، وله خدم وغرفة نوم، ويموت أو يُقْتل!! فلماذا يتمسك المنكرون بوصف "المخلوقية" وَيَدعُون ما عداه من الأوصاف "البشرية"؟!

أما السبب الثاني، فإن المؤلف لم يُعبر عن معنى واحد من معانيه "الجُوَانية" إلا بالرموز، وهذا ينطبق على قوله: "خُلقْتَ" وصفًا لـ "الجبلاوي" رمز الألوهية (الله) في الرواية. فليس ببعيد أن يَكون المؤلف قد أراد من "خُلقْتَ" معنى رمزيًا هو: "الوجود المطلق"، وليس الخلق بمعنى الإيجاد من العدَم، المقتضي لوجود خالق غير الله!!


(١) "أولاد حارتنا" (ص ١٥).