للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدولة اليهودية على أرض فلسطين المقدسة، بكل ما ترمز إليه هذه الدولة من بعثٍِ للماضي (لا الانفصال عنه)، واستدعاءٍ له لغة وتصورًا وآثارًا (ليس إزالته تمامًا)، وتأسيس عصر يهودي جديد، أدركنا مدى المفارقة التي تريدنا أن نزيل ماضينا بينما يُوجد غيرنا ماضيه!

[* مملكة الوهم والغيب:]

إن أدونيس، لا يتورعّ عن وصف ماضينا بالضياع في مختلف المجالات أو ما يسميه (الأشكال) ويبدأها بالشكل (الديني) أي الإسلامي، ولا ندري ما المقصود بالضياع تمامًا؟ ولكنه حين يصف ماضينا بمملكة الوهم والغيب التي تتطاول وتستمر، ندري جيدًا أنه يرفض الإسلام جملة وتفصيلاً، ويلقي عليه تبعة أن يجد (العربي) نفسه، أو يصنعها!

إلى هذا الحدّ وصلت أفكار الحداثة عند (أدونيس) بحيث صار إلغاء الماضي، وإلقاء تبعة الحاضر عليه مدخلاً ضروريًّا لتأسيس العصر الجديد الذي يريده. إنه عصر بلا إسلام، ولم يقل لنا: لماذا يرفض الماضي، ولماذا عدّه (مملكة من الوهم والغيب تتطاول وتستمر)؟!

إنه مقتنع تمامًا أن (الحداثة) لا بد أن تزيل الإسلام دون تقديم أسباب منطقية أو جوهرية، ومرجعه في ذلك ما يقوله (لينين)، و (هيغل) .. أي إن مرجعيته العقدية والفكرية هي (الماركسية) كما يراها صنّاعها وعشّاقها .. ولما كانت (الماركسية) نقدًا لما هو سائد وهدم له، فلا بد أن ننقد -كما يريد أدونيس- ما هو سائد عندنا ونهدمه لنبني (العالم الجديد) على أنقاض العالم القديم الذي يقوم في جوهره -ثقافةً وحياةً- على الدين، ولذا يستشهد (أدونيس) بمقولة ماركس: (نقد الدين شرط لكل نقد) وهذا النقد أساس بناء العصر الجديد .. أي العصر الماركسي!.