على امتداد الأسابيع والشهور بهذه الأفكار المسمومة، عندما تعالت صيحة الوجودية وحاولت احتواء الفكر البشري، ثم لم يلبث أن سقطت؛ لأنها لم تستطع أن تستجيب للفطرة الإنسانية، وإنما كانت تمثل الأوهام والمطامع والشهوات والصرخات الصاخبة، ولذلك سرعان ما انطفأت الوجودية وسارتر وفرانسوا ساجان.
ويُعنَى أنيس منصور بأن يترجم سموم ساجان ليطلع شبابنا وبناتنا على ما لم يقرأوه، فيقول أنها فتاة كافرة تقول الصدفة أرادت، الصدفة شاءت، ونعرف أن وراء هذه التفاهات قوى تنشرها وتملأ بها الدنيا وتجند لها أسباب الشهرة والمال؛ لأنها سموم يتلقفها الشباب فيزداد رخاوة ومرضًا.
- لقد عاش أنيس منصور سنوات عمره كلها يترجم السموم ويقدم الكتابات الجنسية والأساطير والقصص والصور الفاسدة، يقرؤها الشباب في طول البلاد وعرضها عن طريق أخبار اليوم على أوسع نطاق وفي خلال سبعة عشر عامًا يتصدر الصفحة الأخيرة من الأخبار لينقل سمومه دون توقف.
[* أنيس منصور يبث السم في العسل:]
لما تحدث عزيز أباظة عن اللغة الفصحى، وهاجم اللهجة العامية وكتابها شنت عليه الحرب من الماركسيين والوجوديين على السواء، كأنما هناك اتفاق مشترك بين القوى المضادة على محاربة الفصحى، وبالرغم من أن أنيس منصور يتحذلق أحيانًا في الدعوة إلى الفصحى إلا أنه هاجم عزيز أباظة، يقول: أخطأ عزيز أباظة مرتين:
أولاً: عندما جعل مشكلة الفصحى والعامية نوعًا من الشكوى وكان في استطاعته أيضًا أن يشكو من الشعر الحر ومن الفنون التجريدية في الرسوم.
ثانيًا: جعل القصة شكوى أو بلاغًا أو تهمة في حين أن مشاكل اللغة